عن أنس بن مالك
( رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):
قال الله تعالى :-
" يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة "
صدق رب العزة .. إنك ما دعوتني ورجوتني
فالدعاء مع الرجاء أي حسن الظن بالله تعالي فإن الدعاء مأمور به موعود عليه بالإجابة
كما قال تعالي:-
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"غافر 60
إن الدعاء هو العبادة ومن أعظم شرائطه حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالي فالعبادة هي التذلل والخضوع ؛ والدعاء إظهار فقر وحاجة وتذلل من العبد الفقير الضعيف الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من له قلب غافل لاه
إن الدعاء مع الرجاء موجبان لمغفرة الله جل في علاه وهناك من يدعو، وهو ضعيف الظن بربه، لا يحسن الظن بربه،
وقد ثبت عنه
(عليه الصلاة والسلام ) أنه قال: قال الله تعالى-: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء والعبد إذا دعا الله عز وجل مستغفراً لذنبه يدعو مستغفرا ومستحضرا أن فضل الله عظيم، وأنه يرجو الله أن يغفر، وأن الله سيغفر له.
مكتوب في مزامير داود عليه السلام
تدري لمن أغفر من عبادي
. قال : لمن يا رب ؟ قال: للذي إذا أذنب ذنباً ارتعدت لذلك مفاصله ذاك الذي آمر ملائكتي أن ألا تكتب عليه ذلك الذنب.
ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت
****
وفي قوله تعالي:-"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"الزمر53 المراد أنه يغفر جميع الذنوب ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع
والعبد إذا أذنب وسارع إلى التوبة، ودعا الله
-جل وعلا - أن يغفر له، ورجي ما عند الله -جل وعلا - فإنه يغفر له على ما كان منه من الذنوب مهما كانت بالتوبة والتوبة تجب ما قبلها وفي قوله تعالي:-" وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"آل عمران133 فالمسارعة إلي الله عز وجل بالمغفرة ندخل مع المتقين لأن الجنة هنا أعدت لهم لأنهم سارعوا ودعوا الله تعالي بقلوبهم بالحضور القلبي وبالتذلل والخشوع فبذلك امتحن القلوب للتقوى أي من أجل ذلك نكون من المتقين فلنا المغفرة التامة ثم ندخل بعد التنقية من الشوائب يصبح لنا الأجر العظيم منه سبحانه وتعالي.
غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يعني علي كثرة ذنوبك وخطاياك ، ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظـمه شـئ " فإن ذنوب العباد وإن عظمت فعفو الله ومغفرته أعظم منها
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء
فإن الاستغفار حتى ولو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة أي إلي عنان السماء قيل السحاب أو ما انتهي إليه البصر ثم استغفر العبد ربه فيغفر الله تعالي له
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك
وهذا فيه الحث على طلب المغفرة، فإنك إذا أذنبت فاستغفر، فإنه ما أصر من استغفر، ولو عاد في اليوم سبعين مرة كما جاء في الأثر، فمع الاستغفار والندم يمحو الله -جل وعلا - الخطايا.
فمن هذا نتعلم أن القلوب هي المحور الأساسي للتقوى التي تجعلنا في حالة الإسراع الدائم فور حدوث الذنب فمن أجل ذلك فإنه عز وجل لم يعطنا الرحمة والأجر العظيم إلا بعد المغفرة .. الأحاديث القدسية
الحديث القدسي :ــــــــــــــــــــ
الحديث في اللغة هو ضد القديم ويُطلق ويُراد به طل كلام يتحدث به وينقل ويبلغ الإنسان
من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه وبهذا المعنى سمّي القرآن حديثاً (ومن
أصدق من الله حديثاً سورة النساء آية 87) وسُمّي ما يحدث به الإنسان في نومه
(وعلمتني من تأويل الأحاديث)
والقدسي: ـــــــــــ
نسبة إلى القُدُس وهي نسبة تدل على التعظيم لأن مادة الكلمة دالة على التنزيه والتطهير
في اللغة. والتقديس تنزيه الله تعالى والتقديس هو التطهير وتقدّس أي تطهّر. قال تعالى
على لسان ملائكته (ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك)
والحديث القدسي في الإصطلاح هو ما يضيفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه على أنه من كلام الله تعالى فالرسول راوٍ لكلام
الله تعالى بلفظ من عنده وإذا رواه أحد رواه عن رسول الله مسنداً إلى الله عزّ وجلّ
فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربّه عزّ وجلّ.
مثال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: يقول الله
تعالى: " أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إن ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في
نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه.." أخرجه البخاري ومسلم.
(عن كتاب مباحث في علوم القرآن للأستاذ منّاع القطّان)