تعد ظاهرة إنحسار مياه الري ببعض الترع مشكلة تهدد الزراعات التي تعتبر هي حياة المواطن الذي لا يملك سوي قراريط بسيطة تعينه علي المعيشة.
كما تعد القرارات المزدوجة لمسئولي الري أحد أهم الأسباب الرئيسية, وذلك لوجود ترع تتبع الري بالمحافظة وأخري رئيسية تتبع الري بمحافظة أخري, وكأن الري يعيش كدولة مستقلة لها قرارات مركزية لا يملك مسئولو الري بالمحافظة الا تنفيذها.. مما أدي إلي مطالبة المهندس سامي عمارة محافظ المنوفية في وزارة الري التعامل مع ري المنوفية حتي يكون ضخ المياه مسئولية رئاسة واحدة خاضعة للحساب في أجهزة المحافظة.
وإذا كان الحديث اليوم عن حروب خارجية بسبب المياه فإن عدم تصويب الإخطاء الإدارية قد تؤدي إلي أزمات داخلية.. فقد أدت هذه الاشكالية وتصاعدها إلي مشاكل متعددة وشكاوي المواطنين من ندرة مياه الري في الترع.
وهنا يتساءل المواطنون هل يذهب المحافظ بنفسه الي كل حقل حتي تضخ المياه.. ويطلبون هيكلة إدارات وزارة الري وتطبيق اللا مركزية حتي تكون هناك سلطات إدارية للمحافظ علي إدارة الري التي تعيش علي أرض المحافظة ولا يملك أي محافظ سلطات مباشرة عليهم.
ويقول الدكتور مغاوري شحاتة أحد خبراء المياه في مصر, وأمين الحزب الوطني بالمنوفية إنه يجب إعادة هيكلة إدارات الري ويعتبر المفهوم السائد لدي مسئولي الري بأنهم أصحاب القرار فقط ولا تدخل لأي مسئول فمن غير العقول أن تعيش إدارات علي أرض المحافظة ولا يملك المحافظ أي سلطة مباشرة لتوقيع أي جزاءات رادعة علي المقصرين وأي مشكلة تحدث تعالج بمخاطبة الود والاتصل الشخصي.
وأضاف بأنه يجب الانتقال بالري الي النظام المؤسسي اللامركزي ويتم فصل ري المنوفية عن ري زفتي وهذا يتطلب قرارا من الوزير يعيد فيه تنظيم إدارات الري, وأشار إلي أن المنوفية أرض زراعية محدودة ذات كثافة سكانية عالية والدخل الرئيسي للمواطن هو الزراعة التي تمثل ناتجا قوميا متمثلا في القمح الذي يعتبر من أجود أنواع القمح علي مستوي العالم وكذلك الأذرة التي تعطي إنتاجا وفيرا لصالح مواطني مصر كافة, ولذلك يجب إعادة النظر في هيكلة إدارة الري بشكل فعال يخدم العملية الزراعية وليس من المعقول أن يظل أسلوب إدارات الري من مئات السنين دون تغيير ويتوقف فقط عند حدوث أي مشكلة ويترك المحافظ مكتبة ليذهب إلي كل حقل ويجري اتصالات من كل موقع يزوره لضخ المياه كما حدث.
وطالب سامي وسيلي رئيس لجنة الري بمحافظة المنوفية بضرورة أن تخضع كل قطرة من المياه لمديرية الري بالمحافظة مشيرا إلي أن هناك مشكلة أخري وهي نهايات الترع والتي تعاني بصفة مستمرة من عدم وصول المياه اليها ـ الي نهايات الترع ـ ومتابعة دورية ونشيطة لتوزيع المياه علي كل الترع والمساقي للمحافظة بما يضمن توفيرها الي كل الزراعات في موعدها المحدد.. مشيرا إلي أن المنوفية قامت بتجربة رائدة وهي حسابات الكميات المطلوبة من المياه لكل محصول في الموعد المحدد لزراعته بالتنسيق بين وزارتي الزراعة والري من أجل توفير هذه المياه لكل المحاصيل في توقيتها المحدد.
وأشار سامي وسيلي الي ان لجنة الزراعة بالمجلس الشعبي بالمحافظة ناقشت مشكلة المياه وأكدت ضرورة إصلاح الآبار الإرتوازية في المحافظة علي وجه الخصوص المملوكة للجمعيات التعاونية وكذلك المملوكة لوزارة الري.
وأثناء جولة مفاجئة للمحافظ سامي عمارة عند قرية الماي بشبين الكوم استغاث به أحد الفلاحين ليشاهد بنفسه عدم وجود المياه بالترع وأنه منتظر منذ أسبوع لوصول المياه... فتوجه المحافظ ناحية الترعة وأجري إتصالات تليفونيا مؤكدا أنه لن يتحرك من المكان حتي يري المياه تجري بالترعة وبالفعل وصلت المياه وسارع الفلاح بتشغيل ماكينة الري ليسقي أرضه خوفا من أغلاق المياه بعد مغادرة المحافظ.
وتوجه بعض الفلاحين إلي المحافظ يشكون من نفس المشكلة مما يضطرهم الي استخدام الآبار الارتوازية لتوصيل المياه إلي نهاية الترع... وطالبوا المحافظ بسرعة تحديث وصيانة الآبار الأرتوازية لأن تعطيلها يهدد الأرض بالبوار بالرغم من أن هذه الآبار مكلفة تمثل عبئا علي الفلاح إلا أنها تعد هي البديل حتي تحل مشكلة وصول المياه الي نهايات الترع.
ويبقي السؤال هل من المعقول أن يحيط النيل بمحافظة المنوفية من كل جانب ويعتمد أهلها علي الآبار الارتوازية لري أراضيهم؟!