فتح الاندلس : طارق بن زياد و الشيخ الصالح وحلم الطاغية لُذريق
سجل التاريخ اسم طارق بن زياد في أهم صفحاته نظراً للإنجاز العظيم الذي قام به حين فتح الأندلس مقيماً في ذلك دولة للمسلمين في بلاد الأندلس و التي تعرف اليوم باسبانيا و البرتغال حيث ظلت تلك الدولة قائمة لمدة ثمانية قرون ، كان طارق بن زياد قائدا ملهما شجاعا دخل الاندلس على رأس جيش تعداده اثني عشر ألف مقاتل واجهوا جيش لُذريق المكوّن من مائة و عشرون ألف مقاتل ، سطَّرَ طارق و جيشه بطولات ناذرة في معركة وادي بَرْبَاط، وتُسَمِّيها بعض المصادر أيضًا معركة وادي لُكَّة فكان النصر حليف المسلمين ففتح طارق الاندلس .
ومن القصص العجيبة قبل هذه المعركة ، أنَّ ملك الاسبان لُذريق و كان جبَّاراً رأى في منامه أنَّهُ راكب على فيل وأنَّ أمامه قوم ينقرون الطبول و في الصباح جمع الرهبان و القساوِسة و حكى لهم ما رأى في المنام فقالوا له جميعا: أبشر أيُّها الملك بالنصر، فدقُّ الطبول نصر و ركوب الفيل نصرُُ و إستعد للإحتفال به ، إلاّ أنه لم يقتنع فكاتب طارق بن زياد يطلب منه إرسال عالم له ليفسِّر له منامه ، فجمع طارق قواده وكان بينهم عالم مجاهد عُرف بالصلاح و الصيام إسمه محمد بن القاسم وكان شيخا طاعنا في السن ، فلمّا سمع ماجاء في كتاب الطاغية لُذريق و طلبه لمن يفسٍّرُ حلمه تطوّع ؛ فقال طارق إن لُذريق طاغية غاذر و أخاف أن يغدر بك و يقتلك بعد تفسير حلمه ! فقال الشيخ الصالح محمد بن القاسم : أيها القائد إنٍي رأيتُ في منام قبل صلاة الفجر رسول الله صلَّى الله عليه و سلّم فقال لي:" يا إبن القاسم إن أصبح الصباح فأغتسل و توضأ لأنك سَتَفطرُعندنا الليلة " و كان شهرمضان .
فودّعه طارق ، فدهب مع رسول الملك و دخل عليه فقال له الشيخ العالم إبن القاسم ماذا رأيت ؟
فقال لُذريق : إنِّي رأيتُ في منامي أنَّني راكب على فيل وأنَّ أمامي قوم ينقرون الطبول.
فقال الشيخ العالم إبن القاسم :أبشر بالهزيمة يا عدو الله .
قال لُذريق : كيف و قد فسّرها قومي بالنصر في المعركة !!!
قال الشيخ العالم إبن القاسم : سأفسِّرُها لك من كتاب الله من القرآن الكريم ، فأمَّا ركوبك ا لفيل فيقولُ الله عزَّ وجل في كتابه العزيز في سورة الفيل : " بسم الله الرحمن الرحيم ، ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ، ترْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ، صدق الله العظيم " .
فقال له لُذريق : فبماذا تفسِّرُ نقر الطبول ؟
قال الشيخ العالم إبن القاسم : وأمّا نقر الطبول فقال تعالى في سورة المدثر :" فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير" ، فأنا أُ بشِّرك بالهزيمة من كتاب الله يا عدو الله .
فثار الطاغية رذريقو و أمر بقتل العالم الصالح محمد بن القاسم و بات ليلته شهيداً مع الشهداء والصدِّيقين كما أخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فبدأت معركة وادي بَرْبَاط -أو وادي لكة الغير المتكافئة ظاهريًّا، والمحسومة بالمنطق الرباني، بدأت في شهر الصيام والقرآن، الشهر الذي ارتبط اسمه بالمعارك والفتوحات والانتصارات، وعلى مدى ثمانية أيام متصلة دارت رحى الحرب، وبدأ القتال الضاري الشرس بين المس لمين والنصارى، أمواج من النصارى تنهمر على المسلمين، والمسلمون صابرون صامدون؛ {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
لقد قاتل الجيش القوطي قتالاً شديدًا يُعَبِّر عن شدَّة بأس وقوَّة شكيمة؛ ولكن هيهات أن تصمد تلك القوَّة أمام صلابة الإيمان وقوة العقيدة التي يتحلَّى بها الجيش المسلم؛ واثقًا بربه متيقِّنًا النصر! ويصف ابن عذاري جيش المسلمين وهم في هذا الجوِّ المتلاطم في المعركة فيقول: «فخرج إليهم طارق بجميع أصحابه رجَّالة، ليس فيهم راكب إلاَّ القليل؛ فاقتتلوا قتالاً شديدًا حتى ظنُّوا أنه الفناء» ، فصدق تفسير الشيخ العالم إبن القاسم و هزم الله جيش القوط و قُتلَ طاغيتهم لُذريق و فتح طارق بن زياد الأندلس .
المصدر : https://goo.gl/2pwLHq
موقع التاريخ الاسلامي ، قصص وعبر
http://www.islamstory.info/