بسم الله الرحمن الرحيم
التغلب على الإجهاد الحراري فى ماشية اللبن
Manipulating Heat Stress in Dairy Cattle
- مقدمة
- اللحم واللبن نتاج عمليات فسيولوجية
- أثر درجة الحرارة على الوظائف الفسيولوجية للحيوانات
· درجة حرارة الجسم
· معدل التنفس
· معدل النبض
- علاقة الجو الحار بإنتاج اللبن
- كيف يمكن التغلب على ظروف الجو الحار
- التغذية مفتاح أساسى
· مياه الشرب
· العناية بوسائل الإيواء
· التهوية الميكانيكية
· التبريد بالرذاذ
مقدمة Introduction
تستهدف سياسات إنتاج الغذاء فى كافة دول العالم ، رفع الحدية الإنتاجية للحاصلات الزراعية التى تسهم فى توفير الغذاء باستخدام كافة المعطيات العلمية والتكنولوجية المتاحة. وقد احتلت برامج تنمية إنتاج البروتينات الحيوانية أهمية خاصة فى استراتيجيات التنمية الزراعية والتى تمثل أهمية خاصة فى تغذية الإنسان باعتبارها تمثل الجانب الغنى فى الغذاء ذو العلاقة الأكيدة بنمو الجسم والعقل وبناء الفرد السليم.
وقد أسهم التقدم العلمى والتقنى بشكل كبير جداً فى زيادة الإنتاج وتحقيق الوفرة من وحدة الإنتاج نتيجة لتقدم علوم الوراثة والفسيولوجيا والتغذية والصحة الحيوانية خاصة فى مجال إنتاج الألبان واستنباط سلالات من الأبقار عالية الإنتاج وظهرت جمعيات الأنواع التى تحافظ على هذه السلالات وتعمل على نشرها وزيادة كفاءتها الإنتاجية باستمرار . وتحقيق الحزم التقنية التى تعمل على إظهار كفاءة التراكيب الوراثية لهذه السلالات.
وفى الواقع فإن معظم الجهود التى تمت فى هذا المجال قد تمت فى بيئات الدول الغربية والتى تتميز باعتدال مناخها وتلى هذا محاولات الدول النامية لاستقدام هذه السلالات وتربيتها تحت ظروف مغايرة مع محاولة الحفاظ على النظم الإنتاجية التى تسمح بنجاح هذه السلالات تحت ظروف البيئات المغايرة الجديدة وما يترتب عليه من تحقيق أهداف التنمية فى شأن توفير الحد الأدنى من البروتين الحيوانى والذى توصى به المنظمات الدولية بالبيئة للإنسان.
ويعتبر الجو الحار المصاحب لأشهر الصيف أحد المحددات الرئيسية التى تعمل على خفض الكفاءة الإنتاجية للأبقار مما أوجب إعطاء هذا الموضوع أهمية خاصة فى الدراسات والبحوث من أجل العمل على تخفيض الآثار السلبية التى تنشأ عن تعرض الحيوانات لدرجات حرارة تزيد عن المدى الحرارى الملائم وهو ما يتعرض له هذا المقال أملاً فى معاونة المربى على العناية بحيواناتهم خلال فترة الصيف التى ترتفع فيها درجات الحرارة أحيانا إلى 40°م أو تتعداها.
أثر درجة الحرارة على الوظائف الفسيولوجية
Effect of Ambient Heat on the Physiological Functions
تتراوح درجة حرارة الجسم فى الماشية ما بين 98 إلى 102 درجة فهرنهايت (حوالى 36.7 : 38.9 درجة مئوية) ودرجة حرارة الجسم هذه هى تعتبر عن التوازن الحاصل بين الحرارة المتولدة فى جسم الحيوان نتيجة لعمليات التحول والتمثيل الغذائى التى تحدث للغذاء الذى يتناوله الحيوان والحرارة المفقودة من جسم الحيوان والتى تمثل الطاقة الزائدة عن احتياجات الحيوان لأداء العمليات الفسيولوجية المختلفة ومن ضمتها إنتاج اللبن واللحم. وفى أشهر الشتاء والتى تقل فيها درجة الحرارة عن 24°م فأقل فإن الماشية تستخدم هذه الحرارة الزائدة فى الإبقاء على درجة حرارة جسمها حول المعدل السابق ذكره. أما فى أشهر السنة الحارة فإن الحرارة الزائدة عن احتياجات الحيوان تعتبر عبئاً عليه يجب التخلص منه. والماشية تلجأ إلى التخلص من حرارة أجسامها عن طريق:
· الإشعاع
· التوصيل الحرارى
· تيارات الحمل والانتقال
· البخر عن طريق الغدد العرقية
وعندما ترتفع حرارة البيئة المحيطة بالحيوان ويقل الفرق بين حرارة جسم الحيوان وحرارة الجو المحيط به فإن مقدرة الحيوان على التخلص من حرارة الجسم الزائدة تقل. وباستمرار ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط تقل قدرة الحيوان على التخلص من الحرارة والتى يهيئها له جهازه الفسيولوجى مثل التبخير عن طريق الغدد العرقية أو اللهث والذى يتم عن طريق الجاز التنفسى أو سقوط الغطاء الشعرى.
وفى الواقع فإن الحيوان حينما يعتمد على أجهزته الفسيولوجية فقط فإن هذا قد يكون غير كافى لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط مما يتطلب تدخل المربى لتهيئة الوسط المحيط بالحيوان كى يساعد فى درجة حرارة الجو المحيط ومن المهم أن نعرف أن ازدياد اللهث فى الحيوان كى يتخلص من الحرارة الزائدة فى جسمه يؤدى إلى زيادة الاحتياجات الغذائية الحافظة للحيوان ويكون هذا التأثير عالى فى الأبقار عالية الإدرار. فعلى سبيل المثال فإن البقرة التى تزن 625 كيلو جراماً وتنتج 27 كيلوجرام لبن فى اليوم تحت ظروف درجة جوية 20 درجة مئوية تزداد احتياجاتها الغذائية الحافظة بمقدار 20% عندما ترتفع درجة حرارة الجو المحيط إلى 30 درجة مئوية ومن هنا يتبين الأثر السلبى لدرجات الجوية العالية على الأبقار عالية الإنتاج وخاصة فى بداية موسم الحليب حيث تكون كمية الطاقة المأكولة عاملاً محدداً للأداء الإنتاجى الأبقار.
أثر ارتفاع حرارة الجو على درجة حرارة الجسم
Ambient Heat and Body Temperature
تعتبر الدراسات التى أجريت فى جامعة لويزيانا وجامعة كاليفورنيا فى عام 1938م من الدراسات التى بينت الفروق بين سلالات الأبقار فى قدرتها على العمل الحرارى. وقد أمكن من خلال اختبار القدرة على التحمل الحرارى Heat Tolerance Test الذى توصل إليه Rohad سنة 1944م التعرف على قدرات هذه السلالات تحت ظروف درجات حرارة مختلفة. وعلى العموم فإنه قد تبين أن سلالات ماشية اللبن عالية الإدرار مثل الهولشتين تتغير درجة حرارة جسمها بتغير درجة حرارة الجو وأن الماشية الأفريقية أقل استجابة للتغير فى درة حرارة الجو. كما بينت البحوث أن صفة التحمل الحرارى هى صفة وراثية وقيمتها الوراثية تتراوح ما بين 15 إلى 30 % وأن القيمة التكرارية لها Repeatability تتراوح ما بين 15 إلى 31% وأن أجراء اختيار التحمل الحرارى لمدة 6-7 أيام كافى للاستدلال على مدى استعداد الحيوان لتحمل الأجواء الحارة.
وقد كانت مقدرة العجول على تحمل درجات الحرارة العالية أقل من أماتها وذلك بالنسبة للسلالات النقية مثل الهولشتين والفريزيان وأن كانوا يشتركوا فى أن ارتفاع درجة حرارة الجو يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وكان أثر الرطوبة ملموساً فى رفع درجة حرارة الجسم خاصة فى الأبقار. وتشير البحوث إلى أن درجة الحرارة الأمثل لماشية اللبن هى من 25-65 درجة فهرنهايت وأن ارتفاع درجة حرارة الجو عن 70-80 درجة فهرنهايت (21-26.5°م) هو حد الحرارة الحرجة للماشية بينما هو فى الماشية الأفريقية 90 درجة فهرنهايت (32.2°م) والذى تبدأ بعده الماشية فى المعاناة من أثر ارتفاع درجة حرارة الجو.
أما بالنسبة للجاموس فإن درجة حرارة جسمها أقل بطبيعتها عن المعدل المعروف فى الماشية إلا أن ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط يكون تأثيره أعلى نسبيا عن الماشية. حيث ترتفع درجة حرارة جسم الجاموس بسرعة خاصة إذا ما تعرضت لأشعة الشمس المباشرة وقد وجد أن معاملات التحمل الحرارى للسلالات المختلفة كانت على النحو التالى تحت الظروف المصرية.
· الجاموس 75.3%
· الأبقار البلدية 91.5%
· فريزيان 80%
ومن الملائم أن نعرف أن العجول الصغيرة كانت أقل فى معاملات التحمل الحرارى وكذا العجول المسمنة وكذا الحيوانات الحلابة ومن الجدير بالذكر أن البحوث قد أوضحت أن الحيوان يجابه هذا الارتفاع فى حرارة الجسم بتبخير العرق من الجلد ولكن البرودة الناشئة عن هذا التبخير تكون ذات أثر طفيف خاصة إذا ما توالى ارتفاع درجة حرارة الجو وارتفاع معدل التبخير. كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة الذى قد يصاحب ارتفاع درجة حرارة الجو يعتبر من العوامل السلبية التى تزيد من الإحساس بدرجات حرارة الجو فضلا عن أنها تقلل من معدل التبخير فى جيم الحيوان ويزيد من الإحساس بالعبء الحرارى.
ارتفاع درجة حرارة الجو ومعدل التنفس
Ambient Temperature and Respiration Rate
الماشية من الحيوانات التى لا تعرق تقريباً خاصة الجاموس ولذلك فإن زيادة معدل التنفس هى من أهم الوسائل التى تلجأ إليها كى تستطيع على ارتفاع درجة حرارة الجو. والتنفس ينقسم إلى قسمين هما :
أ- معدل التنفس.
ب- عمق التنفس.
وقد ثبت من التجارب التى أجراها الباحثين فى جامعات لويزيانا وميسورى بالولايات المتحدة (Kibler Regan & Richardson , Rohad) أن ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط بالحيوان عن 24°م يسبب ارتفاعا فى سرعة تنفس الماشية حيث كانت فى أبقار الفريزيان 107 مرة فى الدقيقة ، 89 مرة فى الدقيقة بالنسبة لخليط الأبقار الفريزيان مع الماشية الأفريقية فى حين كانت 46 مرة فى الدقيقة فى الأبقار الأفريقية النقية. وترتب على ارتفاع سرعة التنفس ارتفاع فى درجة حرارة الجسم إلى أقصاها إذا كان ارتفاع درجة حرارة الجو مصحوبا بارتفاع نسبة الرطوبة فى الجو. وفى حالة الارتفاع المفاجئ فى درجة حرارة الجو فإن معدل التنفس يكون مرتفعاً ويكون عمق التنفس شديداً.
وبوجه عام فإن تنفس الحيوان يكون طبيعياً عندما تكون درجة حرارة الجو حوالى 16-18°م بالنسبة للماشية الأصيلة ، كما تبين أن سرعة التنفس هى صفة وراثية وأن القيمة الوراثية لها تبلغ 76-84% . وكما أن الجاموس أشد تأثيراً بارتفاع درجة حرارة الجو عن الماشية حيث بلغت سرعة التنفس حوالى 120 مرة فى الدقيقة بينما أنها لم تتعدى 55 مرة فى الدقيقة فى الأبقار المصرية.
ومن حسن الحظ أن الحيوان له القدرة على التأقلم نسبياً مع الظروف المحيطة به فكلما طالت مدة التعرض لدرجة حرارة الجو العالية يحاول الحيوان أن يتكيف حيث تتناقص الزيادة فى درجة حرارة الجسم نسبياً.
حرارة الجو وسرعة النبض فى الماشية
Ambient Temperature and Pulse Rate
أثبتت التجارب التى أجريت فى وقت مبكر من القرن العشرين أن الماشية حين تتعرض لارتفاع درجة حرارة الجو المحيط تميل إلى إبطاء وخفض معدل النبض. وقد أوضحت تجارب بدر الدين فى عام 1951 أن الجاموس كان أقل فى معدل النبض عن الأبقار المحلية وهو ما يؤيد أنه أكثر حساسية من الأبقار عند تعرضه لدرجات المرتفعة والتى تصاحب شهور الصيف. وعلى العموم فإن الأبقار عالية الإنتاج والعجول المسمنة أكثر تأثراً. كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة فى الجو تسهم فى خفض معدل النبض عند التعرض لدرجات حرارة مرتفعة.
وانخفاض النبض فى الماشية عند التعرض لدرجات حرارة مرتفعة خاصة فى الأنواع الأوروبية يرجع إلى انخفاض قدرتها على إفراز العرق فهى بذلك ليس من صالحها تحت ظروف الجو الحار أن تزيد من سرعة الدورة الخارجية للدم وهى الوسيلة التى تلجأ إليها الحيوانات التى تفرز العرق لترطيب الجسم من جراء التبخير للعرق الذى يفرز من مسام الغدد العرقية . وليس أمام الماشية وقد امتنع عليها هذا السبيل إلا وهو إفراز كافى من العرق ، سوى أن تزيد من سرعة التنفس وبالتالى يتزايد خروج بخار الماء وأن تخفض من معدل النبض حتى لا يتوارد الدم إلى مسطح الجسم غير القادر على إفراز العرق.
أثر ارتفاع درجة حرارة الجو على إنتاج اللبن
Ambient Temperature and Milk Yield
عند تعرض ماشية اللبن إلى درجة حرارة جوية عالية عن الجو الملائم لأداء وظائفها الفسيولوجية بشكل جيد فأنها تلجأ إلى الوسائل السابقة من زيادة سرعة تنفسها وإبطاء معدل النبض مع إسقاط الغطاء الشعرى للسماح بالتخلص من حرارة الجسم العالية ، ثم يبدأ الحيزان فى التقليل من الغذاء المأكول لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الجو ويزيد استهلاك الحيوان من المياه فمن المعروف أن الأبقار تستهلك 2-4 كيلو جرام ماء لكل كيلو جرام مادة جافة مأكولة بالإضافة إلى حوالى 3-5 كيلو جرام ماء لكل كيلو جرام لبن منتج. وتحت ظروف الجو الحار يحدث ارتفاع كبير فى استهلاك المياه وانخفاض فى كمية المأكول من الغذاء وانخفاض فى إنتاج اللبن . ولذلك فإن انخفاض المأكول من الغذاء يؤدى إلى انخفاض مستوى الصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم المأكول والذى يقدر احتياجاته بحوالى 1.5% بوتاسيوم ، 0.5-0.6% صوديوم ، 0.3% ماغنسيوم مما يخل بعملية تبادل السوائل فى الجسم وينعكس على إنتاج اللبن بالسلب.
وبصفة عامة فقد وجد أن الأبقار الهولشتين التى تعيش فى درجات حرارة تتراوح بين 21°م – 26.5°م يقل إنتاجها بمعدل 24% عن تلك التى تعيش فى درجة حرارة 9-10°م نتيجة زيادة الإنتاج الحرارى وقلة الغذاء المأكول. وفى أبحاث أجريت بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى بمصر وجد أن ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف تسببت فى انخفاض إنتاج اللبن اليومى للأبقار الفريزيان بمعدل 30% مقارنة بما هو عليه فى فصل الشتاء.
وفى تجارب قديمة عام 1950م أن الأبقار الفريزيان التى تعرضت لدرجة حرارة 40-41°م كادت أن تتوقف عن الإدرار كلية.
كيف يمكن التغلب على ظروف الجو الحار
How to Combat Heat Stress
كما سبق توضيحه فإن هناك وسائل يلجأ إليها الحيوان للتعامل مع ظروف الجو الحار ولكن هذه الوسائل لا تمنع انخفاض إنتاج اللبن بالنسبة للأبقار خاصة عالية الإدرار مما يسبب خسائر اقتصادية قد تكون ضخمة مما يوجب أن تكون هناك استراتيجية للمربى يساعد بها الحيوان فى التغلب على هذه الظروف ويحافظ على إنتاج اقتصادى من اللبن. وتشتمل هذه الاستراتيجية على نظم التغذية ونظم الإيواء والرعاية وكلها فى إطار واحد تمثل ضرورة لتقليل الخسائر والحد من الآثار السلبية لهذه المشكلة.
التغذية مفتاح أساسى Nutrition is the Key
إن تغذية الأبقار عالية الإدرار عملية فنية تعتمد على ما بينته الأبحاث من احتياجات غذائية محسوبة على أساس المادة الجافة من بروتين وطاقة وأملاح معدنية وفيتامينات وكلما زاد إنتاج هذه الأبقار كلما كانت التغذية أكثر تعقيداً وأصبح توليف العلائق عملية فنية تحتاج إلى حرص شديد من المربى فهذه الأبقار تحتاج إلى توليفات تحتوى على تركيزات عالية للمكونات الغذائية. وقد يكون السبيل إلى تركيز الطاقة هو زيادة نسبة الحبوب ، إلا أن ذلك يكون محفوفاً بخطورة تعرض الأبقار للإصابة بحموضة الدم والأنسجة بسبب نقص المواد الخشنة فى العلائق.
وتحت ظروف الجو الحار حيث يتجه الحيوان إلى خفض استهلاكه من الغذاء فإنه من الضرورى الوصول إلى الحد الملائم لتركيز المواد الغذائية فى العليقة وكذلك كمية العليقة التى يمكن أن يتناولها الحيوان.
وهناك اتجاهين لتعديل الطاقة عن طريق المادة الجافة المأكولة فإما أن تتعدد مرات التغذية فى اليوم لزيادة المادة الجافة المأكولة وبالتالى تزيد الطاقة المستهلكة
التغلب على الإجهاد الحراري فى ماشية اللبن
Manipulating Heat Stress in Dairy Cattle
- مقدمة
- اللحم واللبن نتاج عمليات فسيولوجية
- أثر درجة الحرارة على الوظائف الفسيولوجية للحيوانات
· درجة حرارة الجسم
· معدل التنفس
· معدل النبض
- علاقة الجو الحار بإنتاج اللبن
- كيف يمكن التغلب على ظروف الجو الحار
- التغذية مفتاح أساسى
· مياه الشرب
· العناية بوسائل الإيواء
· التهوية الميكانيكية
· التبريد بالرذاذ
مقدمة Introduction
تستهدف سياسات إنتاج الغذاء فى كافة دول العالم ، رفع الحدية الإنتاجية للحاصلات الزراعية التى تسهم فى توفير الغذاء باستخدام كافة المعطيات العلمية والتكنولوجية المتاحة. وقد احتلت برامج تنمية إنتاج البروتينات الحيوانية أهمية خاصة فى استراتيجيات التنمية الزراعية والتى تمثل أهمية خاصة فى تغذية الإنسان باعتبارها تمثل الجانب الغنى فى الغذاء ذو العلاقة الأكيدة بنمو الجسم والعقل وبناء الفرد السليم.
وقد أسهم التقدم العلمى والتقنى بشكل كبير جداً فى زيادة الإنتاج وتحقيق الوفرة من وحدة الإنتاج نتيجة لتقدم علوم الوراثة والفسيولوجيا والتغذية والصحة الحيوانية خاصة فى مجال إنتاج الألبان واستنباط سلالات من الأبقار عالية الإنتاج وظهرت جمعيات الأنواع التى تحافظ على هذه السلالات وتعمل على نشرها وزيادة كفاءتها الإنتاجية باستمرار . وتحقيق الحزم التقنية التى تعمل على إظهار كفاءة التراكيب الوراثية لهذه السلالات.
وفى الواقع فإن معظم الجهود التى تمت فى هذا المجال قد تمت فى بيئات الدول الغربية والتى تتميز باعتدال مناخها وتلى هذا محاولات الدول النامية لاستقدام هذه السلالات وتربيتها تحت ظروف مغايرة مع محاولة الحفاظ على النظم الإنتاجية التى تسمح بنجاح هذه السلالات تحت ظروف البيئات المغايرة الجديدة وما يترتب عليه من تحقيق أهداف التنمية فى شأن توفير الحد الأدنى من البروتين الحيوانى والذى توصى به المنظمات الدولية بالبيئة للإنسان.
ويعتبر الجو الحار المصاحب لأشهر الصيف أحد المحددات الرئيسية التى تعمل على خفض الكفاءة الإنتاجية للأبقار مما أوجب إعطاء هذا الموضوع أهمية خاصة فى الدراسات والبحوث من أجل العمل على تخفيض الآثار السلبية التى تنشأ عن تعرض الحيوانات لدرجات حرارة تزيد عن المدى الحرارى الملائم وهو ما يتعرض له هذا المقال أملاً فى معاونة المربى على العناية بحيواناتهم خلال فترة الصيف التى ترتفع فيها درجات الحرارة أحيانا إلى 40°م أو تتعداها.
أثر درجة الحرارة على الوظائف الفسيولوجية
Effect of Ambient Heat on the Physiological Functions
تتراوح درجة حرارة الجسم فى الماشية ما بين 98 إلى 102 درجة فهرنهايت (حوالى 36.7 : 38.9 درجة مئوية) ودرجة حرارة الجسم هذه هى تعتبر عن التوازن الحاصل بين الحرارة المتولدة فى جسم الحيوان نتيجة لعمليات التحول والتمثيل الغذائى التى تحدث للغذاء الذى يتناوله الحيوان والحرارة المفقودة من جسم الحيوان والتى تمثل الطاقة الزائدة عن احتياجات الحيوان لأداء العمليات الفسيولوجية المختلفة ومن ضمتها إنتاج اللبن واللحم. وفى أشهر الشتاء والتى تقل فيها درجة الحرارة عن 24°م فأقل فإن الماشية تستخدم هذه الحرارة الزائدة فى الإبقاء على درجة حرارة جسمها حول المعدل السابق ذكره. أما فى أشهر السنة الحارة فإن الحرارة الزائدة عن احتياجات الحيوان تعتبر عبئاً عليه يجب التخلص منه. والماشية تلجأ إلى التخلص من حرارة أجسامها عن طريق:
· الإشعاع
· التوصيل الحرارى
· تيارات الحمل والانتقال
· البخر عن طريق الغدد العرقية
وعندما ترتفع حرارة البيئة المحيطة بالحيوان ويقل الفرق بين حرارة جسم الحيوان وحرارة الجو المحيط به فإن مقدرة الحيوان على التخلص من حرارة الجسم الزائدة تقل. وباستمرار ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط تقل قدرة الحيوان على التخلص من الحرارة والتى يهيئها له جهازه الفسيولوجى مثل التبخير عن طريق الغدد العرقية أو اللهث والذى يتم عن طريق الجاز التنفسى أو سقوط الغطاء الشعرى.
وفى الواقع فإن الحيوان حينما يعتمد على أجهزته الفسيولوجية فقط فإن هذا قد يكون غير كافى لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط مما يتطلب تدخل المربى لتهيئة الوسط المحيط بالحيوان كى يساعد فى درجة حرارة الجو المحيط ومن المهم أن نعرف أن ازدياد اللهث فى الحيوان كى يتخلص من الحرارة الزائدة فى جسمه يؤدى إلى زيادة الاحتياجات الغذائية الحافظة للحيوان ويكون هذا التأثير عالى فى الأبقار عالية الإدرار. فعلى سبيل المثال فإن البقرة التى تزن 625 كيلو جراماً وتنتج 27 كيلوجرام لبن فى اليوم تحت ظروف درجة جوية 20 درجة مئوية تزداد احتياجاتها الغذائية الحافظة بمقدار 20% عندما ترتفع درجة حرارة الجو المحيط إلى 30 درجة مئوية ومن هنا يتبين الأثر السلبى لدرجات الجوية العالية على الأبقار عالية الإنتاج وخاصة فى بداية موسم الحليب حيث تكون كمية الطاقة المأكولة عاملاً محدداً للأداء الإنتاجى الأبقار.
أثر ارتفاع حرارة الجو على درجة حرارة الجسم
Ambient Heat and Body Temperature
تعتبر الدراسات التى أجريت فى جامعة لويزيانا وجامعة كاليفورنيا فى عام 1938م من الدراسات التى بينت الفروق بين سلالات الأبقار فى قدرتها على العمل الحرارى. وقد أمكن من خلال اختبار القدرة على التحمل الحرارى Heat Tolerance Test الذى توصل إليه Rohad سنة 1944م التعرف على قدرات هذه السلالات تحت ظروف درجات حرارة مختلفة. وعلى العموم فإنه قد تبين أن سلالات ماشية اللبن عالية الإدرار مثل الهولشتين تتغير درجة حرارة جسمها بتغير درجة حرارة الجو وأن الماشية الأفريقية أقل استجابة للتغير فى درة حرارة الجو. كما بينت البحوث أن صفة التحمل الحرارى هى صفة وراثية وقيمتها الوراثية تتراوح ما بين 15 إلى 30 % وأن القيمة التكرارية لها Repeatability تتراوح ما بين 15 إلى 31% وأن أجراء اختيار التحمل الحرارى لمدة 6-7 أيام كافى للاستدلال على مدى استعداد الحيوان لتحمل الأجواء الحارة.
وقد كانت مقدرة العجول على تحمل درجات الحرارة العالية أقل من أماتها وذلك بالنسبة للسلالات النقية مثل الهولشتين والفريزيان وأن كانوا يشتركوا فى أن ارتفاع درجة حرارة الجو يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وكان أثر الرطوبة ملموساً فى رفع درجة حرارة الجسم خاصة فى الأبقار. وتشير البحوث إلى أن درجة الحرارة الأمثل لماشية اللبن هى من 25-65 درجة فهرنهايت وأن ارتفاع درجة حرارة الجو عن 70-80 درجة فهرنهايت (21-26.5°م) هو حد الحرارة الحرجة للماشية بينما هو فى الماشية الأفريقية 90 درجة فهرنهايت (32.2°م) والذى تبدأ بعده الماشية فى المعاناة من أثر ارتفاع درجة حرارة الجو.
أما بالنسبة للجاموس فإن درجة حرارة جسمها أقل بطبيعتها عن المعدل المعروف فى الماشية إلا أن ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط يكون تأثيره أعلى نسبيا عن الماشية. حيث ترتفع درجة حرارة جسم الجاموس بسرعة خاصة إذا ما تعرضت لأشعة الشمس المباشرة وقد وجد أن معاملات التحمل الحرارى للسلالات المختلفة كانت على النحو التالى تحت الظروف المصرية.
· الجاموس 75.3%
· الأبقار البلدية 91.5%
· فريزيان 80%
ومن الملائم أن نعرف أن العجول الصغيرة كانت أقل فى معاملات التحمل الحرارى وكذا العجول المسمنة وكذا الحيوانات الحلابة ومن الجدير بالذكر أن البحوث قد أوضحت أن الحيوان يجابه هذا الارتفاع فى حرارة الجسم بتبخير العرق من الجلد ولكن البرودة الناشئة عن هذا التبخير تكون ذات أثر طفيف خاصة إذا ما توالى ارتفاع درجة حرارة الجو وارتفاع معدل التبخير. كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة الذى قد يصاحب ارتفاع درجة حرارة الجو يعتبر من العوامل السلبية التى تزيد من الإحساس بدرجات حرارة الجو فضلا عن أنها تقلل من معدل التبخير فى جيم الحيوان ويزيد من الإحساس بالعبء الحرارى.
ارتفاع درجة حرارة الجو ومعدل التنفس
Ambient Temperature and Respiration Rate
الماشية من الحيوانات التى لا تعرق تقريباً خاصة الجاموس ولذلك فإن زيادة معدل التنفس هى من أهم الوسائل التى تلجأ إليها كى تستطيع على ارتفاع درجة حرارة الجو. والتنفس ينقسم إلى قسمين هما :
أ- معدل التنفس.
ب- عمق التنفس.
وقد ثبت من التجارب التى أجراها الباحثين فى جامعات لويزيانا وميسورى بالولايات المتحدة (Kibler Regan & Richardson , Rohad) أن ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط بالحيوان عن 24°م يسبب ارتفاعا فى سرعة تنفس الماشية حيث كانت فى أبقار الفريزيان 107 مرة فى الدقيقة ، 89 مرة فى الدقيقة بالنسبة لخليط الأبقار الفريزيان مع الماشية الأفريقية فى حين كانت 46 مرة فى الدقيقة فى الأبقار الأفريقية النقية. وترتب على ارتفاع سرعة التنفس ارتفاع فى درجة حرارة الجسم إلى أقصاها إذا كان ارتفاع درجة حرارة الجو مصحوبا بارتفاع نسبة الرطوبة فى الجو. وفى حالة الارتفاع المفاجئ فى درجة حرارة الجو فإن معدل التنفس يكون مرتفعاً ويكون عمق التنفس شديداً.
وبوجه عام فإن تنفس الحيوان يكون طبيعياً عندما تكون درجة حرارة الجو حوالى 16-18°م بالنسبة للماشية الأصيلة ، كما تبين أن سرعة التنفس هى صفة وراثية وأن القيمة الوراثية لها تبلغ 76-84% . وكما أن الجاموس أشد تأثيراً بارتفاع درجة حرارة الجو عن الماشية حيث بلغت سرعة التنفس حوالى 120 مرة فى الدقيقة بينما أنها لم تتعدى 55 مرة فى الدقيقة فى الأبقار المصرية.
ومن حسن الحظ أن الحيوان له القدرة على التأقلم نسبياً مع الظروف المحيطة به فكلما طالت مدة التعرض لدرجة حرارة الجو العالية يحاول الحيوان أن يتكيف حيث تتناقص الزيادة فى درجة حرارة الجسم نسبياً.
حرارة الجو وسرعة النبض فى الماشية
Ambient Temperature and Pulse Rate
أثبتت التجارب التى أجريت فى وقت مبكر من القرن العشرين أن الماشية حين تتعرض لارتفاع درجة حرارة الجو المحيط تميل إلى إبطاء وخفض معدل النبض. وقد أوضحت تجارب بدر الدين فى عام 1951 أن الجاموس كان أقل فى معدل النبض عن الأبقار المحلية وهو ما يؤيد أنه أكثر حساسية من الأبقار عند تعرضه لدرجات المرتفعة والتى تصاحب شهور الصيف. وعلى العموم فإن الأبقار عالية الإنتاج والعجول المسمنة أكثر تأثراً. كما أن ارتفاع نسبة الرطوبة فى الجو تسهم فى خفض معدل النبض عند التعرض لدرجات حرارة مرتفعة.
وانخفاض النبض فى الماشية عند التعرض لدرجات حرارة مرتفعة خاصة فى الأنواع الأوروبية يرجع إلى انخفاض قدرتها على إفراز العرق فهى بذلك ليس من صالحها تحت ظروف الجو الحار أن تزيد من سرعة الدورة الخارجية للدم وهى الوسيلة التى تلجأ إليها الحيوانات التى تفرز العرق لترطيب الجسم من جراء التبخير للعرق الذى يفرز من مسام الغدد العرقية . وليس أمام الماشية وقد امتنع عليها هذا السبيل إلا وهو إفراز كافى من العرق ، سوى أن تزيد من سرعة التنفس وبالتالى يتزايد خروج بخار الماء وأن تخفض من معدل النبض حتى لا يتوارد الدم إلى مسطح الجسم غير القادر على إفراز العرق.
أثر ارتفاع درجة حرارة الجو على إنتاج اللبن
Ambient Temperature and Milk Yield
عند تعرض ماشية اللبن إلى درجة حرارة جوية عالية عن الجو الملائم لأداء وظائفها الفسيولوجية بشكل جيد فأنها تلجأ إلى الوسائل السابقة من زيادة سرعة تنفسها وإبطاء معدل النبض مع إسقاط الغطاء الشعرى للسماح بالتخلص من حرارة الجسم العالية ، ثم يبدأ الحيزان فى التقليل من الغذاء المأكول لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الجو ويزيد استهلاك الحيوان من المياه فمن المعروف أن الأبقار تستهلك 2-4 كيلو جرام ماء لكل كيلو جرام مادة جافة مأكولة بالإضافة إلى حوالى 3-5 كيلو جرام ماء لكل كيلو جرام لبن منتج. وتحت ظروف الجو الحار يحدث ارتفاع كبير فى استهلاك المياه وانخفاض فى كمية المأكول من الغذاء وانخفاض فى إنتاج اللبن . ولذلك فإن انخفاض المأكول من الغذاء يؤدى إلى انخفاض مستوى الصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم المأكول والذى يقدر احتياجاته بحوالى 1.5% بوتاسيوم ، 0.5-0.6% صوديوم ، 0.3% ماغنسيوم مما يخل بعملية تبادل السوائل فى الجسم وينعكس على إنتاج اللبن بالسلب.
وبصفة عامة فقد وجد أن الأبقار الهولشتين التى تعيش فى درجات حرارة تتراوح بين 21°م – 26.5°م يقل إنتاجها بمعدل 24% عن تلك التى تعيش فى درجة حرارة 9-10°م نتيجة زيادة الإنتاج الحرارى وقلة الغذاء المأكول. وفى أبحاث أجريت بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى بمصر وجد أن ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف تسببت فى انخفاض إنتاج اللبن اليومى للأبقار الفريزيان بمعدل 30% مقارنة بما هو عليه فى فصل الشتاء.
وفى تجارب قديمة عام 1950م أن الأبقار الفريزيان التى تعرضت لدرجة حرارة 40-41°م كادت أن تتوقف عن الإدرار كلية.
كيف يمكن التغلب على ظروف الجو الحار
How to Combat Heat Stress
كما سبق توضيحه فإن هناك وسائل يلجأ إليها الحيوان للتعامل مع ظروف الجو الحار ولكن هذه الوسائل لا تمنع انخفاض إنتاج اللبن بالنسبة للأبقار خاصة عالية الإدرار مما يسبب خسائر اقتصادية قد تكون ضخمة مما يوجب أن تكون هناك استراتيجية للمربى يساعد بها الحيوان فى التغلب على هذه الظروف ويحافظ على إنتاج اقتصادى من اللبن. وتشتمل هذه الاستراتيجية على نظم التغذية ونظم الإيواء والرعاية وكلها فى إطار واحد تمثل ضرورة لتقليل الخسائر والحد من الآثار السلبية لهذه المشكلة.
التغذية مفتاح أساسى Nutrition is the Key
إن تغذية الأبقار عالية الإدرار عملية فنية تعتمد على ما بينته الأبحاث من احتياجات غذائية محسوبة على أساس المادة الجافة من بروتين وطاقة وأملاح معدنية وفيتامينات وكلما زاد إنتاج هذه الأبقار كلما كانت التغذية أكثر تعقيداً وأصبح توليف العلائق عملية فنية تحتاج إلى حرص شديد من المربى فهذه الأبقار تحتاج إلى توليفات تحتوى على تركيزات عالية للمكونات الغذائية. وقد يكون السبيل إلى تركيز الطاقة هو زيادة نسبة الحبوب ، إلا أن ذلك يكون محفوفاً بخطورة تعرض الأبقار للإصابة بحموضة الدم والأنسجة بسبب نقص المواد الخشنة فى العلائق.
وتحت ظروف الجو الحار حيث يتجه الحيوان إلى خفض استهلاكه من الغذاء فإنه من الضرورى الوصول إلى الحد الملائم لتركيز المواد الغذائية فى العليقة وكذلك كمية العليقة التى يمكن أن يتناولها الحيوان.
وهناك اتجاهين لتعديل الطاقة عن طريق المادة الجافة المأكولة فإما أن تتعدد مرات التغذية فى اليوم لزيادة المادة الجافة المأكولة وبالتالى تزيد الطاقة المستهلكة