تحديد خصوبة التربة
إعداد:
المهندس الزراعي محي الدين طه
ماجستير في علوم الأراضي
المقدمة:
بدأ الاهتمام بالأراضي ومعرفة مستواها الخصوبي يزداد يوماً بعد يوم بعد أن أصبح واضحاً أن الأرض هي الثروة الطبيعية الأولى التي توفر الغذاء لملايين البشر.
ولقد بدأ الاهتمام جلياً في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التي أعطت علم الأراضي في كافة نواحيه وخاصة ناحية الخصوبة الأهمية البالغة فأخذت مديرية الأراضي تهتم في دراسة الأراضي السورية لتصنيفها وتضع المخططات اللازمة لاستعمالات الأراضي وبالتالي تجري الأبحاث والتجارب على الواقع الخصوبي لها، لتعمل على الحفاظ على الخصب من هذه الأراضي، ولرفع خصوبة تلك الأراضي التي تدهورت خصوبتها لسبب ما، مستهدفة بذلك رفع الإنتاج في الوحدة المساحية في سبيل رفع الدخل القومي العام.
إن الأراضي المزروعة في قطرنا لها أحوال ثلاثة:
1- أراضي جيدة خصبة تعطي إنتاجاً عالياً: بزراعتها وهذه يجب المحافظة على خصوبتها وعدم تدهورها لضمان استمرار إنتاجها العالي.
2- أراضي تزرع وتعتبر ذات تربة سليمة خصبة ولكنها مهملة: وتنقصها الخدمة الزراعية الصحيحة لتعطي الإنتاج العالي ومثل هذه الأراضي لايلزمها إلا الفلاح الماهر والتوجيه العلمي الصحيح والخدمة الزراعية السليمة.
3- أراضي زراعية متدهورة وغير سليمة: أي بها عيوب في صفاتها الطبيعية أو الكيميائية كأن تكون ملحية أو معدومة الصرف أو بها طبقات كتيمة (صماء) وغير ذلك من العيوب ومثل هذه الأراضي يعوزها الفحص والدراسة لتشخيص عيوبها والعمل على استصلاحها لرفع إنتاجها.
إن بين المزروعات والتربة علاقة كبيرة وإن نجاح الزراعة يتوقف غالباًَ على خصب التربة وصلاحها لنمو الجذور وتغذية النبات، وهذا مايجعل المزارعين يعلقون أهمية كبرى على دراسة وتصنيف الأراضي لمعرفة نوع المزورعات التي توافقها وتنجح بها.
الفصل الأول: خصوبة الأراضي:
ليس من السهل تعريف خصوبة التربة، فهي في الواقع مفهوم معقد لأنها مرتبطة بعوامل عديدة منها عوامل خارجية ومنها عوامل داخلية.
العوامل الخارجية لتحديد خصوبة التربة:
إن كمية الأمطار السنوية والحرارة والرطوبة الجوية تؤثر على خصوبة التربة لأنها تسمح للصفات الكامنة في التربة في أن تظهر فالتفاعلات الكيميائية والبيولوجية تنشط في بيئة رطبة وحارة وينتج عنها زيادة في المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات، وإن من أهم العوامل الخارجية:
1- درجة الحرارة: إن انخفاض درجة الحرارة انخفاضاً شديداً في المناطق الجبلية يعطل نشاط الكائنات الحية في التربة حيث يبطئ تحول الأوراق وبقايا النباتات فتتراكم فوق سطح التربة مكونة طبقة سميكة من الدبال غير المتحلل.
وبالعكس ففي المناطق ذات درجة حرارة متوسطة على مدار السنة فإن تحول المواد العضوية يكون سريعاً نظراً لنشاط الكائنات الحية وينتج عنها نوع من الدبال الذي يختلط مع عناصر التربة ويحسن من صفات التربة الفيزيائية والكيميائية وبالتالي يحسن من شروط التغذية المائية والمعدنية في النباتات.
2- كمية الأمطار: إن كمية الأمطار السنوية التي تهطل في منطقة ما لها أهمية كبرى في إظهار خصوبة التربة ففي المناطق الجافة لاتظهر خصوبة التربة إلا بعد ريها بالماء الكافي فالخصوبة في المناطق الجافة يمكن أن تكون كامنة في التربة فلا تظهر إلا إذا توفرت لها المياه ففي المناطق الجافة حيث توجد الأراضي الخصبة مع توفر الحرارة والضوء تلاحظ أنه عندما يوجد فيها الماء اللازم فإنها تنتج محصولاً وافراً، لا تنتجه أراضي المناطق الرطبة إلا ببذل مجهود كبير ونفقات كثيرة.
وإن المزارع لايستطيع أن يسيطر على العوامل الخارجية فإنه يلجأ لزيادة الخصوبة بالاهتمام بتحسين العوامل الداخلية المتعلقة بصفات التربة الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية.
العوامل الداخلية لتحديد خصوبة التربة:
إن العوامل الداخلية تتفاعل مع بعضها البعض لتكون خصوبة التربة فالخصوبة لاترتبط بغناء التربة بالكاتيونات والأنيونات الضرورية لتغذية النباتات والقابلة للامتصاص من قبل النبات مباشرة فقط وإنما ترتبط أيضاً بعوامل أخرى لاتقل عنها أهمية مثل حالة التربة الفيزيائية والتهوية وعمق التربة ونسبة الحصى والحجارة والطبوغرافية والنشاط البيولوجي وتوفر الماء في التربة وسهولة امتصاصه ونوع الدبال ونوع الصخرة الأم أي أن خصوبة التربة تتعلق بالخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والطبوغرافية للتربة معاً.
وسنذكر فيما يلي العوامل الداخلية التي تحدد خصوبة التربة:
1- سعة التبادل : إن خصوبة التربة متعلقة (بسعة التبادل) أو بتعبير آخر بنسبة المواد الغروية وخاصة المركبات الدبالية التي تشكل مايسمى بمركب الادمصاص، إن ازدياد سعة التبادل يؤدي إلى تحسين التغذية المعدنية عند النباتات، فبالإضافة إلى كونه مصدراً للتغذية المعدنية فإن الدبال يحسن صفات التربة الفيزيائية فيوفر وسطاً ملائماً لنمو جذور النباتات، وللتغذية المائية لها ويؤثر بصورة غير مباشرة أيضاً على التغذية المعدنية للنباتات.
إن العناصر المدمصة من قبل مركب الادمصاص ( مثل الكاتيونات المعدنية الفوسفور) تشكل المصدر الرئيسي للتغذية المعدنية للنباتات فقد دلت الأبحاث الحديثة أنه يوجد تبادل بين الكاتيونات H+ المدمصة من قبل الشعيرات الماصة والكاتيونات المعدنية المدمصة من قبل مركب الادمصاص، ومن هنا يتضح لنا أهمية مركب الادمصاص في خصوبة التربة. إن الأراضي الرملية التي تتميز بسعة تبادل ضعيفة لفقرها بالمواد الفروية هي قليلة الخصوبة ، كما أنها لاتحتفظ بخصوبتها إلا لمدة بسيطة من الزمن، حيث تضيع الأسمدة في الأتربة الرملية بواسطة الانغسال.
2- مجموع الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل: إن ازدياد الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل في مركب الادمصاص وبصورة خاصة الكالسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم يزيد من المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات.
3- نسبة الكاتيونات المعدنية في التربة: إن الكاتيونات الضرورية لتغذية النباتات يجب أن تكون متوفرة في التربة بشكل متوازن ، فزيادة كاتيون معين، C++ مثلاً يمكن أن يؤدي إلى التقليل من امتصاص كاتيون آخر، ومن جهة أخرى فإنه يمكن أن يخلق بين الكاتيونين نوعاً من التضاد بحيث أن ازدياد نسبة أحدهما يمنع امتصاص الآخر من قبل جذور النباتات.
ففي الأراضي الكلسية يوجد غالباً بين Ca++، Mg++ تضاد وكذلك نجد تضاداً بين هذين الكاتيونين في الأراضي الغنية بالمغنزيوم، ففي هذه الحالة يخف امتصاص الكالسيوم من قبل جذور النباتات. وفي الأراضي التي تكون فيها نسبة الكاتيون K+ أكبر من Ca++ أو Mg++ فإنه يحدث تضاديقلل من امتصاص الجذور للكاتيونين Ca++ و Mg++. لقد بين أبحاث العلماء الحديثة أن أفضل نسبة للكاتيون Ca++ القابل للتبادل تتراوح بين 70-75% من مجموع الكاتيونات المعدنية. وإن ازدياد نسبة الكلس الفعال في التربة يؤدي إلى تثبيت البوتاسيوم كما تقلل أيضاً من امتصاص الفوسفور والحديد لتحويلهما إلى أشكال قليلة الذوبان.
4- المادة العضوية: إن كمية المادة العضوية في التربة تلعب دوراً أساسي في خصوبة التربة لأنها تحسن الصفات والخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة.
إعداد:
المهندس الزراعي محي الدين طه
ماجستير في علوم الأراضي
المقدمة:
بدأ الاهتمام بالأراضي ومعرفة مستواها الخصوبي يزداد يوماً بعد يوم بعد أن أصبح واضحاً أن الأرض هي الثروة الطبيعية الأولى التي توفر الغذاء لملايين البشر.
ولقد بدأ الاهتمام جلياً في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التي أعطت علم الأراضي في كافة نواحيه وخاصة ناحية الخصوبة الأهمية البالغة فأخذت مديرية الأراضي تهتم في دراسة الأراضي السورية لتصنيفها وتضع المخططات اللازمة لاستعمالات الأراضي وبالتالي تجري الأبحاث والتجارب على الواقع الخصوبي لها، لتعمل على الحفاظ على الخصب من هذه الأراضي، ولرفع خصوبة تلك الأراضي التي تدهورت خصوبتها لسبب ما، مستهدفة بذلك رفع الإنتاج في الوحدة المساحية في سبيل رفع الدخل القومي العام.
إن الأراضي المزروعة في قطرنا لها أحوال ثلاثة:
1- أراضي جيدة خصبة تعطي إنتاجاً عالياً: بزراعتها وهذه يجب المحافظة على خصوبتها وعدم تدهورها لضمان استمرار إنتاجها العالي.
2- أراضي تزرع وتعتبر ذات تربة سليمة خصبة ولكنها مهملة: وتنقصها الخدمة الزراعية الصحيحة لتعطي الإنتاج العالي ومثل هذه الأراضي لايلزمها إلا الفلاح الماهر والتوجيه العلمي الصحيح والخدمة الزراعية السليمة.
3- أراضي زراعية متدهورة وغير سليمة: أي بها عيوب في صفاتها الطبيعية أو الكيميائية كأن تكون ملحية أو معدومة الصرف أو بها طبقات كتيمة (صماء) وغير ذلك من العيوب ومثل هذه الأراضي يعوزها الفحص والدراسة لتشخيص عيوبها والعمل على استصلاحها لرفع إنتاجها.
إن بين المزروعات والتربة علاقة كبيرة وإن نجاح الزراعة يتوقف غالباًَ على خصب التربة وصلاحها لنمو الجذور وتغذية النبات، وهذا مايجعل المزارعين يعلقون أهمية كبرى على دراسة وتصنيف الأراضي لمعرفة نوع المزورعات التي توافقها وتنجح بها.
الفصل الأول: خصوبة الأراضي:
ليس من السهل تعريف خصوبة التربة، فهي في الواقع مفهوم معقد لأنها مرتبطة بعوامل عديدة منها عوامل خارجية ومنها عوامل داخلية.
العوامل الخارجية لتحديد خصوبة التربة:
إن كمية الأمطار السنوية والحرارة والرطوبة الجوية تؤثر على خصوبة التربة لأنها تسمح للصفات الكامنة في التربة في أن تظهر فالتفاعلات الكيميائية والبيولوجية تنشط في بيئة رطبة وحارة وينتج عنها زيادة في المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات، وإن من أهم العوامل الخارجية:
1- درجة الحرارة: إن انخفاض درجة الحرارة انخفاضاً شديداً في المناطق الجبلية يعطل نشاط الكائنات الحية في التربة حيث يبطئ تحول الأوراق وبقايا النباتات فتتراكم فوق سطح التربة مكونة طبقة سميكة من الدبال غير المتحلل.
وبالعكس ففي المناطق ذات درجة حرارة متوسطة على مدار السنة فإن تحول المواد العضوية يكون سريعاً نظراً لنشاط الكائنات الحية وينتج عنها نوع من الدبال الذي يختلط مع عناصر التربة ويحسن من صفات التربة الفيزيائية والكيميائية وبالتالي يحسن من شروط التغذية المائية والمعدنية في النباتات.
2- كمية الأمطار: إن كمية الأمطار السنوية التي تهطل في منطقة ما لها أهمية كبرى في إظهار خصوبة التربة ففي المناطق الجافة لاتظهر خصوبة التربة إلا بعد ريها بالماء الكافي فالخصوبة في المناطق الجافة يمكن أن تكون كامنة في التربة فلا تظهر إلا إذا توفرت لها المياه ففي المناطق الجافة حيث توجد الأراضي الخصبة مع توفر الحرارة والضوء تلاحظ أنه عندما يوجد فيها الماء اللازم فإنها تنتج محصولاً وافراً، لا تنتجه أراضي المناطق الرطبة إلا ببذل مجهود كبير ونفقات كثيرة.
وإن المزارع لايستطيع أن يسيطر على العوامل الخارجية فإنه يلجأ لزيادة الخصوبة بالاهتمام بتحسين العوامل الداخلية المتعلقة بصفات التربة الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية.
العوامل الداخلية لتحديد خصوبة التربة:
إن العوامل الداخلية تتفاعل مع بعضها البعض لتكون خصوبة التربة فالخصوبة لاترتبط بغناء التربة بالكاتيونات والأنيونات الضرورية لتغذية النباتات والقابلة للامتصاص من قبل النبات مباشرة فقط وإنما ترتبط أيضاً بعوامل أخرى لاتقل عنها أهمية مثل حالة التربة الفيزيائية والتهوية وعمق التربة ونسبة الحصى والحجارة والطبوغرافية والنشاط البيولوجي وتوفر الماء في التربة وسهولة امتصاصه ونوع الدبال ونوع الصخرة الأم أي أن خصوبة التربة تتعلق بالخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والطبوغرافية للتربة معاً.
وسنذكر فيما يلي العوامل الداخلية التي تحدد خصوبة التربة:
1- سعة التبادل : إن خصوبة التربة متعلقة (بسعة التبادل) أو بتعبير آخر بنسبة المواد الغروية وخاصة المركبات الدبالية التي تشكل مايسمى بمركب الادمصاص، إن ازدياد سعة التبادل يؤدي إلى تحسين التغذية المعدنية عند النباتات، فبالإضافة إلى كونه مصدراً للتغذية المعدنية فإن الدبال يحسن صفات التربة الفيزيائية فيوفر وسطاً ملائماً لنمو جذور النباتات، وللتغذية المائية لها ويؤثر بصورة غير مباشرة أيضاً على التغذية المعدنية للنباتات.
إن العناصر المدمصة من قبل مركب الادمصاص ( مثل الكاتيونات المعدنية الفوسفور) تشكل المصدر الرئيسي للتغذية المعدنية للنباتات فقد دلت الأبحاث الحديثة أنه يوجد تبادل بين الكاتيونات H+ المدمصة من قبل الشعيرات الماصة والكاتيونات المعدنية المدمصة من قبل مركب الادمصاص، ومن هنا يتضح لنا أهمية مركب الادمصاص في خصوبة التربة. إن الأراضي الرملية التي تتميز بسعة تبادل ضعيفة لفقرها بالمواد الفروية هي قليلة الخصوبة ، كما أنها لاتحتفظ بخصوبتها إلا لمدة بسيطة من الزمن، حيث تضيع الأسمدة في الأتربة الرملية بواسطة الانغسال.
2- مجموع الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل: إن ازدياد الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل في مركب الادمصاص وبصورة خاصة الكالسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم يزيد من المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات.
3- نسبة الكاتيونات المعدنية في التربة: إن الكاتيونات الضرورية لتغذية النباتات يجب أن تكون متوفرة في التربة بشكل متوازن ، فزيادة كاتيون معين، C++ مثلاً يمكن أن يؤدي إلى التقليل من امتصاص كاتيون آخر، ومن جهة أخرى فإنه يمكن أن يخلق بين الكاتيونين نوعاً من التضاد بحيث أن ازدياد نسبة أحدهما يمنع امتصاص الآخر من قبل جذور النباتات.
ففي الأراضي الكلسية يوجد غالباً بين Ca++، Mg++ تضاد وكذلك نجد تضاداً بين هذين الكاتيونين في الأراضي الغنية بالمغنزيوم، ففي هذه الحالة يخف امتصاص الكالسيوم من قبل جذور النباتات. وفي الأراضي التي تكون فيها نسبة الكاتيون K+ أكبر من Ca++ أو Mg++ فإنه يحدث تضاديقلل من امتصاص الجذور للكاتيونين Ca++ و Mg++. لقد بين أبحاث العلماء الحديثة أن أفضل نسبة للكاتيون Ca++ القابل للتبادل تتراوح بين 70-75% من مجموع الكاتيونات المعدنية. وإن ازدياد نسبة الكلس الفعال في التربة يؤدي إلى تثبيت البوتاسيوم كما تقلل أيضاً من امتصاص الفوسفور والحديد لتحويلهما إلى أشكال قليلة الذوبان.
4- المادة العضوية: إن كمية المادة العضوية في التربة تلعب دوراً أساسي في خصوبة التربة لأنها تحسن الصفات والخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة.