تربية الأسماك Fish Culture
تربية الأسماك Fish Culture هي أحد فروع علم الأسماك Ichthyology وطبائعها، وتهدف إلى المحافظة على المخزون السمكي المرتفع وتحسين نوعيته في المصايد الطبيعية، وإنتاج الأسماك واستكثارها في مزارع خاصة بها لتوفير بروتين حيواني عالي القيمة الحيوية رخيص الثمن ضروري لغذاء الإنسان.
لمحة تاريخية
تُعد تربية الأسماك من الفروع القديمة لتربية الحيوان، وقد بدأ الصينيون بتطبيقها في زمن موغل في القدم يعزى إلى ما قبل 2000 ق.م، وانتقلت من الصين إلى بلدان أخرى في جنوب شرقي آسيا. ويُظن أن هذه التربية ظهرت في زمن أقدم من ذلك في منطقة الشرق الأدنى. كما بدأت التربية في الأحواض السمكية في مصر نحو 2500 ق.م. وقد تمَّ أول مرة في عام 1358م تأسيس أحواض لتربية أسماك الكارب (الشبوط) في تشيكوسلوفاكيا سابقاً والتي أصبحت منطلقاً لتربية الأسماك عامة في أوربة. وقد يكون الراهب دوم بينتشون Dom Pinchon أول من قام في عام 1420م باستخلاص البيوض والسائل المنوي من إناث الترويت الناضجة جنسياً وذكوره وخلطها للحصول على البيوض الملقحة Zygote.
لقد شاعت تربية الكارب (الشبوط) أساساً في المزارع السمكية في الكثير من بلدان الشرق الأقصى وأوربة في منتصف القرن السادس عشر للميلاد، لكن تِقانات التربية في أحواض التفريخ طُورت أول مرة في عام 1860م من قبل الهنغاري (المجري) ت.دوبيش T.Dubisch. وتمَّ فيما بعد، تحسين تِقانة إكثار أسماك الكارب والدوع الذهبي والتيلابيا (المشط) والترويت من قبل آخرين. فقد طور البرازيلي ر.ف. ايرينغ R.V.Ihering وبنجاح طريقة تحفيز نضج البيوض في الأسماك اصطناعياً بحقنها بهرمونات الغدة النخامية المنشطة للغدة التناسلية. وابتكر مربو الأسماك في أمريكة المفرخات (الحاضنات) السمكية لاستخدامها في الأبحاث العلمية على إكثار الأسماك اصطناعياً وتحسين وسائل إنتاج يرقاتها في المزارع التجارية. وفي عام 1960م تمكن «السوفيتي» كونراديث A.G.Konradt من جهة والصينيان هـ. و.كيو H.W.Ku وزميله ل.تْشُنغ L.Chung من جهة أخرى من إكثار الكاربيات الصينية Chineses Carps اصطناعياً.
وحدثت في العقود القلائل الأخيرة من القرن العشرين تطورات مهمة في تربية الأسماك بفروعها المختلفة. فهناك تربية مُكثفة للأسماك في المياه الدافئة وفي المياه الباردة في الكثير من بلدان العالم. كما أن مزارع الكاربيات والتيلابيا والترويت وغيرها في تطور مستمر مع مرور الزمن. ففي الدنمارك واليابان يتم الحصول على غلة سمكية خيالية تقدر وسطياً بـ 150 طن/هكتار سنوياً من الترويت القوس قزحي الذي يربى في أحواض صغيرة المساحة وبكثافة مرتفعة. أما في الصين فقد بُدئ في السنوات الأخيرة بتكثيف تربية الأسماك الكاربية والتيلابيا والحصول منها على ناتج سمكي مقداره وسطياً 6-10 طن/هكتار سنوياً.
بدأت تربية الأسماك في سورية عام 1956، واحتلت مكانة مهمة في التنمية الاقتصادية بعد إحداث المؤسسة العامة للأسماك عام 1974، وهي المؤسسة التي يُعول عليها في تطوير الثروة السمكية في سورية بمصادرها كافة.
اتجاهات تربية الأسماك:
وهي تشمل ما يأتي
1 ـ تربية الأسماك في المصايد الطبيعية (مَرَابي الأسماك): تهدف هذه التربية إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تحسين وسط الأسماك البيئي ومضاعفة المخزون السمكي وتحسين نوعيته في المصايد الطبيعية الداخلية والبحرية (الأنهار، البحيرات، خزانات السدود المائية، المضائق، الأهوار، البحار وغيرها)، وذلك بإتباع الطرائق التالية:
ـ استخدام المخزون السمكي استخداماً عقلانياً في المصايد الطبيعية بتنظيم عملية الصيد، وتحديد مقداره من الأسماك الاقتصادية والتخلص من الأنواع غير المرغوب فيها (الخشنة).
ـ القيام بما يلزم من عمليات الاستصلاح المناسب في هذه المصايد كإضافة المُخصبات الزراعية والتخلص من الأعشاب المائية الفائضة .
ـ تحسين التركيب النوعي للأسماك بما يناسب كل تجمع مائي.
ـ حماية المصايد الطبيعية من التلوثين الصناعي والبشري.
ـ حماية أمكنة التفريخ الطبيعي، وتهيئة الشروط المناسبة لتكاثر الأسماك الاقتصادية بإجراء عمليات الاستصلاح الملائمة وقت الضرورة، كإقامة ممرات العبور (السلالم) «المعابر السلَّمية أو المعابر ذوات الصنَّاعات» والتجهيزات الخاصة بحماية الأسماك في المنشآت المائية وإزالة العوائق الصنعية والطبيعية التي تحول دون وصولها إلى مناطق التفريخ.
ـ تهيئة أمكنة خاصة ثابتة أو عائمة لتفريخ الأسماك اصطناعياً في حال عدم توافر مواضع مناسبة للتفريخ الطبيعي، أو إنشاء مراكز تفريخ اصطناعية لتلقيح البيوض اصطناعياً وحضانتها في المفرخات، ومن ثم الحصول على فراخ الأسماك لإطلاقها في المصايد الطبيعية للاستغناء جزئياً أو كلياً عن التفريغ الطبيعي للأسماك.
ـ أقلمة أنواع جديدة من الأسماك المرغوب فيها، والاستعاضة عن الأسماك الخشنة بأنواع سريعة النمو تستهلك الغذاء الحي المتوافر في المصايد استهلاكاً أفضل من استهلا ك الأنواع المحلية. وقد تم بنجاح في سورية أقلمة الكارب العادي والمشط والترويت القوس قزحي والكارب العاشب في المياه الداخلية.
ـ تحسين شروط تغذي الأسماك بتوفير الغذاء الحي (الطبيعي) والأعلاف المناسبة في المصايد الطبيعية.
ويستخدم في بعض بلدان حوض البحر المتوسط نظام المصايد الطبيعية الذي يلجأ فيه إلى تسمين فراخ (إصبعيات) الأنواع التي تتحمل تغيراتٍ واسعة في ملوحة المياه (البوري وغيره) في مسطحات مائية مُسَيَّجة وتعليفها جزئياً، أو داخل الأشراك حيث تعيش الأسماك عيشةً شبه وحشية معتمدةً على الغذاء الطبيعي. ويُعرف هذا النظام، كغيره من المصايد الطبيعية، بأنه ذو كثافة سمكية منخفضة ويعطي إنتاجاً منخفضاً.
تربية الأسماك في المزارع السمكية: وتختلف عن تربية الأسماك في المصايد الطبيعية بكون جميع العمليات الإنتاجية فيها، بدءاً من طور البيضة وحتى الحصول على أسماك التسويق (أسماك المائدة)، تتم كلها تحت إشراف الإنسان، وبأنها ذات كثافة سمكية عالية وتعطي إنتاجاً مرتفعاً، في حين تكون إمكانية تدخل الإنسان في تربية الأسماك في المصايد الطبيعية، ولاسيما الكبيرة منها، محدودة جداً واقتصرت حتى اليوم على توفير الشروط المناسبة لتكاثر الأسماك، أما تدخل الإنسان في مجال تحسين أحوالها الغذائية فما يزال ضعيفاً.
ويتم في هذه المزارع تربية (استزراع) الأنواع السمكية السريعة النمو في أحواض (برك) مائية ترابية وإسمنتية ذات مساحة وعمق مناسبين تنشأ لهذه الغاية أو تُعدَّل لأجلها.
وتقسم المزارع السمكية إلى مزارع ذات مياه دافئة (الكاربية)، ومزارع ذات مياه باردة (الترويتية). ويُربَّى في المزارع الكاربية أساساً الكارب العادي، وكذلك الكارب العاشب والكارب الفضي والكارب الكبير الرأس (المُنقط) والتيلابيا والسلور وغيرها. في حين يربى في المزارع الترويتية أنواع من السلمونيات أهمها الترويت القوس قزحي والترويت النهري .
وتقام الأحواض السمكية في المزارع الكاربية على أراضٍ مرجية أو مستنقعية، يتم إمدادها بمياهٍ دافئة نسبياً تزيد درجة حرارتها على 20°م، ربيعاً وصيفاً، وتكون من مصادر مختلفة كالأنهار والبحيرات والمياه الجوفية والخزانات المائية ومياه تبريد المحطات الكهربائية وغيرها. أما السلمونيات فتربى في أحواض صغيرة المساحة نسبياً تقام على أرضٍ صلبة فقيرة بالمواد العضوية، يتم تغذيتها بمياه نظيفة مشبعةً بالأكسجين وباردة لا تزيد درجة حرارتها صيفاً على15 - 20°س. وتُجهز الأحواض ا لسمكية عادة بمنشآت خاصة لتغذيتها بالمياه وصرفها منها بالكامل وقت الضرورة. ويمكن أن يستخدم في تربية الأسماك الأحواض المائية التي لا يمكن تفريغها كلياً أو جزئياً من المياه لأنها تستخدم في أعمال الري أو لأهداف أخرى، شريطة إجراء التعديلات المناسبة لضمان صيد الأسماك صيداً كاملاً.
ويفضل أن تتم تغذية الأحواض السمكية بالماء وصرفه منها بمجريين مستقل كل منهما عن الآخر. ويمكن إيصال المياه إلى الأحواض بوساطة القنوات الترابية أو الإسمنتية أو الأنابيب المعدنية أو البلاستيكية. وتحاشياً لهروب الأسماك من الأحواض، ولدخول الأسماك والحيوانات الغريبة إليها تُرتب حواجز شبكية خاصة على مأخذ التغذية المائية ومنطلقات الصرف فيها.
وتبعاً للنظام الإنتاجي المتبع في التربية تقسم المزارع السمكية إلى مزارع متكاملة وغير متكاملة. ففي المزارع المتكاملة تربى الأسماك بدءاً من طور البيضة حتى وصولها إلى الوزن التسويقي المناسب. وتتضمن هذه المزارع أحواض الأمهات وأحواض التفريخ والحضانة والتنمية (التربية) والتسمين والتسويق وغيرها. أما المزارع غير المتكاملة فتقسم إلى مزارع إنتاج «الزريعة» ومزارع التسمين. وتتضمن مزارع إنتاج الزريعة أحواض الأمهات والتفريخ والحضانة والتنمية، في حين تشتمل مزارع التسمين (إنتاج أسماك التسويق) على أحواض التسمين فقط التي يتم فيها تسمين الزريعة التي يُحصل عليها إما من المزارع غير المتكاملة أو المزارع المتكاملة. ويُطبق في المزارع السمكية نظام الدورة الإنتاجية، أي المدة الزمنية التي تستغرقها تربية الأسماك حتى تسويقها. فإذا تم جمع المحصول السمكي في سنة واحدة فإن الدورة الإنتاجية تكون سنوية، أما إذا استغرقت تربية الأسماك حتى تسويقها سنتين أو ثلاثاً فإن الدورة الإنتاجية تسمى ثنائية أو ثلاثية.
وتبعاً للكثافة السمكية في وحدة المساحة يُميز:
ـ المزارع الواسعة: وتكون كثافة الأسماك ـ المعتمدة على الغذاء الطبيعي فقط ـ فيها قليلة وتعطي إنتاجاً منخفضاً، ولا يمكن زيادته إلاّ بزيادة مساحة المزرعة.
ـ المزارع المكثفة: وتكون كثافة الأسماك فيها مرتفعة. وتحتاج هذه الطريقة من التربية إلى تزويد الأحواض السمكية بالأعلاف والمُخصبات بانتظام من الخارج، وكذلك إدخال التحسينات اللازمة عليها كالتهوية وغيرها، مما يمكن بموجبها مضاعفة الناتج السمكي عدة مرات مقارنةً مع المزارع الواسعة.
ـ المزارع نصف المكثفة: تحتل من حيث كثافة الأسماك وإنتاجها موقعاً وسطاً بين النوعين السابقين. ويتم فيها تزويد الأحواض السمكية من حين إلى آخر، بكميات قليلة من العلف والسماد.
وفي سبيل زيادة الناتج السمكي على حساب كل الغذاء المتاح، ولاسيما الطبيعي، يُلجأ إلى التربية المشتركة المتزامنة في الحوض ذاته إما لأسماكٍ من النوع ذاته، ولكن أعمارها مختلفة (أي التربية المختلطة)، أو لأسماكٍ من نوعين مختلفين بنمط تغذيتهما، أحدهما أساسي والآخر جانبي (أي التربية الجانبية)، أو من أنواع سمكية متعددة متباينة بنمط تغذيتها (أي التربية المركبة).
وقد تكون المزارع السمكية أحادية الإنتاج أي متخصصة في تربية الأسماك فقط، أو متعددة الإنتاج، التي تنتج الأسماك محصولاً رئيساً أو ثانوياً، إضافة إلى إنتاج محصول آخر حيواني (كالبط مثلاً) أو نباتي (كالأرز وغيره).
تربية الأسماك Fish Culture هي أحد فروع علم الأسماك Ichthyology وطبائعها، وتهدف إلى المحافظة على المخزون السمكي المرتفع وتحسين نوعيته في المصايد الطبيعية، وإنتاج الأسماك واستكثارها في مزارع خاصة بها لتوفير بروتين حيواني عالي القيمة الحيوية رخيص الثمن ضروري لغذاء الإنسان.
لمحة تاريخية
تُعد تربية الأسماك من الفروع القديمة لتربية الحيوان، وقد بدأ الصينيون بتطبيقها في زمن موغل في القدم يعزى إلى ما قبل 2000 ق.م، وانتقلت من الصين إلى بلدان أخرى في جنوب شرقي آسيا. ويُظن أن هذه التربية ظهرت في زمن أقدم من ذلك في منطقة الشرق الأدنى. كما بدأت التربية في الأحواض السمكية في مصر نحو 2500 ق.م. وقد تمَّ أول مرة في عام 1358م تأسيس أحواض لتربية أسماك الكارب (الشبوط) في تشيكوسلوفاكيا سابقاً والتي أصبحت منطلقاً لتربية الأسماك عامة في أوربة. وقد يكون الراهب دوم بينتشون Dom Pinchon أول من قام في عام 1420م باستخلاص البيوض والسائل المنوي من إناث الترويت الناضجة جنسياً وذكوره وخلطها للحصول على البيوض الملقحة Zygote.
لقد شاعت تربية الكارب (الشبوط) أساساً في المزارع السمكية في الكثير من بلدان الشرق الأقصى وأوربة في منتصف القرن السادس عشر للميلاد، لكن تِقانات التربية في أحواض التفريخ طُورت أول مرة في عام 1860م من قبل الهنغاري (المجري) ت.دوبيش T.Dubisch. وتمَّ فيما بعد، تحسين تِقانة إكثار أسماك الكارب والدوع الذهبي والتيلابيا (المشط) والترويت من قبل آخرين. فقد طور البرازيلي ر.ف. ايرينغ R.V.Ihering وبنجاح طريقة تحفيز نضج البيوض في الأسماك اصطناعياً بحقنها بهرمونات الغدة النخامية المنشطة للغدة التناسلية. وابتكر مربو الأسماك في أمريكة المفرخات (الحاضنات) السمكية لاستخدامها في الأبحاث العلمية على إكثار الأسماك اصطناعياً وتحسين وسائل إنتاج يرقاتها في المزارع التجارية. وفي عام 1960م تمكن «السوفيتي» كونراديث A.G.Konradt من جهة والصينيان هـ. و.كيو H.W.Ku وزميله ل.تْشُنغ L.Chung من جهة أخرى من إكثار الكاربيات الصينية Chineses Carps اصطناعياً.
وحدثت في العقود القلائل الأخيرة من القرن العشرين تطورات مهمة في تربية الأسماك بفروعها المختلفة. فهناك تربية مُكثفة للأسماك في المياه الدافئة وفي المياه الباردة في الكثير من بلدان العالم. كما أن مزارع الكاربيات والتيلابيا والترويت وغيرها في تطور مستمر مع مرور الزمن. ففي الدنمارك واليابان يتم الحصول على غلة سمكية خيالية تقدر وسطياً بـ 150 طن/هكتار سنوياً من الترويت القوس قزحي الذي يربى في أحواض صغيرة المساحة وبكثافة مرتفعة. أما في الصين فقد بُدئ في السنوات الأخيرة بتكثيف تربية الأسماك الكاربية والتيلابيا والحصول منها على ناتج سمكي مقداره وسطياً 6-10 طن/هكتار سنوياً.
بدأت تربية الأسماك في سورية عام 1956، واحتلت مكانة مهمة في التنمية الاقتصادية بعد إحداث المؤسسة العامة للأسماك عام 1974، وهي المؤسسة التي يُعول عليها في تطوير الثروة السمكية في سورية بمصادرها كافة.
اتجاهات تربية الأسماك:
وهي تشمل ما يأتي
1 ـ تربية الأسماك في المصايد الطبيعية (مَرَابي الأسماك): تهدف هذه التربية إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تحسين وسط الأسماك البيئي ومضاعفة المخزون السمكي وتحسين نوعيته في المصايد الطبيعية الداخلية والبحرية (الأنهار، البحيرات، خزانات السدود المائية، المضائق، الأهوار، البحار وغيرها)، وذلك بإتباع الطرائق التالية:
ـ استخدام المخزون السمكي استخداماً عقلانياً في المصايد الطبيعية بتنظيم عملية الصيد، وتحديد مقداره من الأسماك الاقتصادية والتخلص من الأنواع غير المرغوب فيها (الخشنة).
ـ القيام بما يلزم من عمليات الاستصلاح المناسب في هذه المصايد كإضافة المُخصبات الزراعية والتخلص من الأعشاب المائية الفائضة .
ـ تحسين التركيب النوعي للأسماك بما يناسب كل تجمع مائي.
ـ حماية المصايد الطبيعية من التلوثين الصناعي والبشري.
ـ حماية أمكنة التفريخ الطبيعي، وتهيئة الشروط المناسبة لتكاثر الأسماك الاقتصادية بإجراء عمليات الاستصلاح الملائمة وقت الضرورة، كإقامة ممرات العبور (السلالم) «المعابر السلَّمية أو المعابر ذوات الصنَّاعات» والتجهيزات الخاصة بحماية الأسماك في المنشآت المائية وإزالة العوائق الصنعية والطبيعية التي تحول دون وصولها إلى مناطق التفريخ.
ـ تهيئة أمكنة خاصة ثابتة أو عائمة لتفريخ الأسماك اصطناعياً في حال عدم توافر مواضع مناسبة للتفريخ الطبيعي، أو إنشاء مراكز تفريخ اصطناعية لتلقيح البيوض اصطناعياً وحضانتها في المفرخات، ومن ثم الحصول على فراخ الأسماك لإطلاقها في المصايد الطبيعية للاستغناء جزئياً أو كلياً عن التفريغ الطبيعي للأسماك.
ـ أقلمة أنواع جديدة من الأسماك المرغوب فيها، والاستعاضة عن الأسماك الخشنة بأنواع سريعة النمو تستهلك الغذاء الحي المتوافر في المصايد استهلاكاً أفضل من استهلا ك الأنواع المحلية. وقد تم بنجاح في سورية أقلمة الكارب العادي والمشط والترويت القوس قزحي والكارب العاشب في المياه الداخلية.
ـ تحسين شروط تغذي الأسماك بتوفير الغذاء الحي (الطبيعي) والأعلاف المناسبة في المصايد الطبيعية.
ويستخدم في بعض بلدان حوض البحر المتوسط نظام المصايد الطبيعية الذي يلجأ فيه إلى تسمين فراخ (إصبعيات) الأنواع التي تتحمل تغيراتٍ واسعة في ملوحة المياه (البوري وغيره) في مسطحات مائية مُسَيَّجة وتعليفها جزئياً، أو داخل الأشراك حيث تعيش الأسماك عيشةً شبه وحشية معتمدةً على الغذاء الطبيعي. ويُعرف هذا النظام، كغيره من المصايد الطبيعية، بأنه ذو كثافة سمكية منخفضة ويعطي إنتاجاً منخفضاً.
تربية الأسماك في المزارع السمكية: وتختلف عن تربية الأسماك في المصايد الطبيعية بكون جميع العمليات الإنتاجية فيها، بدءاً من طور البيضة وحتى الحصول على أسماك التسويق (أسماك المائدة)، تتم كلها تحت إشراف الإنسان، وبأنها ذات كثافة سمكية عالية وتعطي إنتاجاً مرتفعاً، في حين تكون إمكانية تدخل الإنسان في تربية الأسماك في المصايد الطبيعية، ولاسيما الكبيرة منها، محدودة جداً واقتصرت حتى اليوم على توفير الشروط المناسبة لتكاثر الأسماك، أما تدخل الإنسان في مجال تحسين أحوالها الغذائية فما يزال ضعيفاً.
ويتم في هذه المزارع تربية (استزراع) الأنواع السمكية السريعة النمو في أحواض (برك) مائية ترابية وإسمنتية ذات مساحة وعمق مناسبين تنشأ لهذه الغاية أو تُعدَّل لأجلها.
وتقسم المزارع السمكية إلى مزارع ذات مياه دافئة (الكاربية)، ومزارع ذات مياه باردة (الترويتية). ويُربَّى في المزارع الكاربية أساساً الكارب العادي، وكذلك الكارب العاشب والكارب الفضي والكارب الكبير الرأس (المُنقط) والتيلابيا والسلور وغيرها. في حين يربى في المزارع الترويتية أنواع من السلمونيات أهمها الترويت القوس قزحي والترويت النهري .
وتقام الأحواض السمكية في المزارع الكاربية على أراضٍ مرجية أو مستنقعية، يتم إمدادها بمياهٍ دافئة نسبياً تزيد درجة حرارتها على 20°م، ربيعاً وصيفاً، وتكون من مصادر مختلفة كالأنهار والبحيرات والمياه الجوفية والخزانات المائية ومياه تبريد المحطات الكهربائية وغيرها. أما السلمونيات فتربى في أحواض صغيرة المساحة نسبياً تقام على أرضٍ صلبة فقيرة بالمواد العضوية، يتم تغذيتها بمياه نظيفة مشبعةً بالأكسجين وباردة لا تزيد درجة حرارتها صيفاً على15 - 20°س. وتُجهز الأحواض ا لسمكية عادة بمنشآت خاصة لتغذيتها بالمياه وصرفها منها بالكامل وقت الضرورة. ويمكن أن يستخدم في تربية الأسماك الأحواض المائية التي لا يمكن تفريغها كلياً أو جزئياً من المياه لأنها تستخدم في أعمال الري أو لأهداف أخرى، شريطة إجراء التعديلات المناسبة لضمان صيد الأسماك صيداً كاملاً.
ويفضل أن تتم تغذية الأحواض السمكية بالماء وصرفه منها بمجريين مستقل كل منهما عن الآخر. ويمكن إيصال المياه إلى الأحواض بوساطة القنوات الترابية أو الإسمنتية أو الأنابيب المعدنية أو البلاستيكية. وتحاشياً لهروب الأسماك من الأحواض، ولدخول الأسماك والحيوانات الغريبة إليها تُرتب حواجز شبكية خاصة على مأخذ التغذية المائية ومنطلقات الصرف فيها.
وتبعاً للنظام الإنتاجي المتبع في التربية تقسم المزارع السمكية إلى مزارع متكاملة وغير متكاملة. ففي المزارع المتكاملة تربى الأسماك بدءاً من طور البيضة حتى وصولها إلى الوزن التسويقي المناسب. وتتضمن هذه المزارع أحواض الأمهات وأحواض التفريخ والحضانة والتنمية (التربية) والتسمين والتسويق وغيرها. أما المزارع غير المتكاملة فتقسم إلى مزارع إنتاج «الزريعة» ومزارع التسمين. وتتضمن مزارع إنتاج الزريعة أحواض الأمهات والتفريخ والحضانة والتنمية، في حين تشتمل مزارع التسمين (إنتاج أسماك التسويق) على أحواض التسمين فقط التي يتم فيها تسمين الزريعة التي يُحصل عليها إما من المزارع غير المتكاملة أو المزارع المتكاملة. ويُطبق في المزارع السمكية نظام الدورة الإنتاجية، أي المدة الزمنية التي تستغرقها تربية الأسماك حتى تسويقها. فإذا تم جمع المحصول السمكي في سنة واحدة فإن الدورة الإنتاجية تكون سنوية، أما إذا استغرقت تربية الأسماك حتى تسويقها سنتين أو ثلاثاً فإن الدورة الإنتاجية تسمى ثنائية أو ثلاثية.
وتبعاً للكثافة السمكية في وحدة المساحة يُميز:
ـ المزارع الواسعة: وتكون كثافة الأسماك ـ المعتمدة على الغذاء الطبيعي فقط ـ فيها قليلة وتعطي إنتاجاً منخفضاً، ولا يمكن زيادته إلاّ بزيادة مساحة المزرعة.
ـ المزارع المكثفة: وتكون كثافة الأسماك فيها مرتفعة. وتحتاج هذه الطريقة من التربية إلى تزويد الأحواض السمكية بالأعلاف والمُخصبات بانتظام من الخارج، وكذلك إدخال التحسينات اللازمة عليها كالتهوية وغيرها، مما يمكن بموجبها مضاعفة الناتج السمكي عدة مرات مقارنةً مع المزارع الواسعة.
ـ المزارع نصف المكثفة: تحتل من حيث كثافة الأسماك وإنتاجها موقعاً وسطاً بين النوعين السابقين. ويتم فيها تزويد الأحواض السمكية من حين إلى آخر، بكميات قليلة من العلف والسماد.
وفي سبيل زيادة الناتج السمكي على حساب كل الغذاء المتاح، ولاسيما الطبيعي، يُلجأ إلى التربية المشتركة المتزامنة في الحوض ذاته إما لأسماكٍ من النوع ذاته، ولكن أعمارها مختلفة (أي التربية المختلطة)، أو لأسماكٍ من نوعين مختلفين بنمط تغذيتهما، أحدهما أساسي والآخر جانبي (أي التربية الجانبية)، أو من أنواع سمكية متعددة متباينة بنمط تغذيتها (أي التربية المركبة).
وقد تكون المزارع السمكية أحادية الإنتاج أي متخصصة في تربية الأسماك فقط، أو متعددة الإنتاج، التي تنتج الأسماك محصولاً رئيساً أو ثانوياً، إضافة إلى إنتاج محصول آخر حيواني (كالبط مثلاً) أو نباتي (كالأرز وغيره).