تربية الأسماك في الأقفاص:
وهي من الطرائق الشائعة اليوم في التربية السمكية المكثفة، إذ تربى الأسماك في الأقفاص ضمن بيئاتها الطبيعية سواء أكانت بحيرات أم سدوداً مائية كبيرة أم بحاراً. تكون الأقفاص عادة مصنوعة من شباكٍ ذوات فتحاتٍ مناسبةٍ لضمان التجديد المائي المطلوب فيها من دون السماح للأسماك بالمرور عبرها، وتُثَبْتْ في المياه الجارية على قوائم ثابتة أو جسور عائمة، أما في المياه الراكدة فتستخدم الأقفاص العائمة التي تثبت فيها بوساطة طوافات خاصة. وتعتمد هذه الطريقة من التربية على تقديم العلف الصناعي بغزارة للأسماك التي تربى بكثافة كبيرة.
أنواع أسماك التربية
الكارب (الشبوط) Cyprinus Carpio: من الأسماك النموذجية المحبة للدفء الشائعة في جميع مزارع المياه الدافئة في العالم، درجة الحرارة المثالية لنموه وتكاثره أعلى من 20°م، سهل التأقلم نسبياً، غذاؤه متعدد Polyphage، ونموه سريع. وهو يربى في أحواض مشمسة غير عميقة (1-2 متر)، ويمكنه تحمّل نقص الأكسجين مقارنةً مع الأنواع الأخرى. يصبح الكارب بالغاً جنسياً في المناطق الشمالية من العالم وعمره 4-6 سنوات، في حين يتم ذلك في البلدان الدافئة في العام الثاني أو الثالث من العمر. ويجري تكاثره في المناطق الضحلة من التجمع المائي الغنية بالأعشاب التي تلتصق عليها بيوضه الدبقة طوال مدة حضانتها وهي 3-6 أيام. ويتزامن التكاثر مع ارتفاع درجة حرارة الماء من 17-20°م. كما يمكن تفريخ الكارب اصطناعياً بمساعدة الحقن الهرموني، وعدد البيوض التي تضعها الأنثى (أي الخصوبة الكلية) 0.6-1.5 مليون سنوياً.
تبدأ صغار الكارب في المدة الأولى من حياتها بالتغذي بالعوالق النباتية والحيوانية، ثم تنتقل، مع تقدم العمر إلى التغذي بحيوانات القاع اللافقارية، وبعدها في الخريف تباشر بالتهام النباتات أيضاً. يلاحظ النمو الأعظمي للكارب في درجة حرارة 20-28°م وبمحتوى أكسجيني مقداره 5- 7 مغ/ليتر ماء صيفاً، ولا يقل عن 4 مغ/ليتر شتاءً.
ويقل نشاط الكارب في تناول الغذاء مع انخفاض درجة الحرارة ليمتنع نهائياً عن تناوله، وتصبح حركته ضعيفة عندما تصل درجة حرارة المياه حتى 1-2°م. ولرفع الإنتاج السمكي يُعمد إلى تكثيف تربية الكارب وتقديم العلف الإضافي له على شكل عجينة أو مضغوطات جافة مكونة من أنواع الكُسْب المختلفة (ما يبقى من ثُفْل بعد عصر البذور الدهنية) والحبوب والنخالة وطحين فول الصويا والمخلفات الزراعية والمركزات العلفية وغيرها.
وعند تربيته بكثافة 60-80 ألف فرخ/هيكتار للصيفيات (الإصبعيات)، أو 4-5 ألف فرخ/هيكتار لثنائية الصيف (السنة الثانية من العمر) يراعى وجوب احتواء الأعلاف الجاهزة على أكثر من 26- 30% بروتين خام، و3-4% دهون، و40% مواد لا آزوتية، وأقل من 10% ألياف نباتية. وفي حال تربيته في الأقفاص أو الأحواض الإسمنتية يجب توفير البروتين الخام (لاسيما الحيواني) ومحفزات النمو بنسبة مرتفعة في غذاء سمك الكارب.
وللكارب سلالات كثيرة، أهمها: الكارب الحرشفي (جسمه مستور كلياً بالحراشف)، والكارب المرآتي (الحراشف مبعثرة على الجسم)، والكارب الخطي (الحراشف متوضعة فقط في الخطين الجانبيين للجسم) والكارب العاري (عديم الحراشف)، (الشكل 5).
إن الوزن التسويقي للكارب في العام الثاني من العمر 500-800غ للفرخ، وفي العام الثالث من العمر 1200-1500غ. ويصل المحصول منه في التربية المكثفة حتى عشرة أطنان أو أكثر في الهكتار. ويمكن زيادة الناتج السمكي وتنويعه في الأحواض بإدخال الأسماك الصينية أو التيلابيا في تربية مركبة أو جانبية مع الكارب.
الترويت القوس قزحي Salmo gairdneri: (الشكل 6) من أهم السلمونيات المرباة في مزارع الأسماك، وأُدخلت تربيته إلى أوربة من أمريكة الشمالية. كما أُدخل إلى سورية عام 1964. وشاعت تربيته في بلاد كثيرة من العالم بفضل تميزه بالصفات الإنتاجية المرغوب فيها، فهو متكيف جيداً لاستهلاك العلف الصناعي والتربية المكثفة، ونموه سريع، ولاسيما في السنوات الثلاث الأولى من عمره، ولحمه شهي ذو قيمة غذائية عالية.
يحتاج الترويت في أثناء تربيته إلى مياه جارية وصافية مشبعة بالأكسجين (أكثر من 7ملغ/ليتر ماء) خالية من الملوثات، ويربى في الأحواض والمسابح الخرسانية الصغيرة المساحة بالطريقة المكثفة وباستخدام علف اصطناعي جاف غني بالبروتين الحيواني.
وبغض النظر عن العناصر الغذائية الداخلة في تركيب العلائق الترويتية فإن نسبتها المئوية ـ التي تختلف بحسب عمر الأسماك ـ هي 28 -60% بروتينات، و5 -30% كربوهيدرات، و3-10% دهوناً.
يُكَثَّر الترويت اصطناعياً بحضن بيوضه المخصبة في أجهزة التفريخ بدرجة حرارة 6-10°م لمدة شهر أو شهرين، ومن ثم تغذى صغاره بأعلاف اصطناعية حتى تصل في السنة الثانية من العمر إلى الوزن التقريبي التسويقي وهو 125-200غ. وطُبق حديثاً نظام خاص لتربيته ضمن أقفاص شبكية في المياه الطبيعية العذبة والبحرية.
الكاربيات الصينية: وهي الكارب العاشب، والكارب الفضي، والكارب المنقط المنتشر طبيعياً في نهر آمور وأنهار مختلفة في أواسط الصين وجنوبيها، فالكارب العاشب Ctenopharinfodon (الشكل7) سمكة سريعة النمو، يبلغ طولها 120 سم، ووزنها حتى 32 كغ، تتغذى أساساً بالنباتات المائية.
وهي من الأسماك الاقتصادية المرغوب فيها غذاءً، وتمت أقلمته وإكثاره اصطناعياً بنجاح في الكثير من بلدان العالم، ويمكن تربيته بالطريقة المركبة مع الكارب العادي وغيره، كما يربى خصيصاً في قنوات الري ومصارفها بهدف تطهيرها من الأعشاب. ويصل الفرخ في السنة الثانية من العمر إلى الوزن التسويقي (حتى 1000 غ).
أما أسماك الكارب الفضي Hypophthalmichthys molitrix (الشكل
وأسماك الكارب المنقط (الكبير الرأس) Aristichthys nobilis (الشكل9) فيصل طول جسمها عادة حتى 1م ووزنها حتى 20 ـ 35 كغ، وهي من أنواع الصيد والتربية الواعدة، وتُكَثَّر اصطناعياً على نطاق واسع في المياه العذبة الدافئة، حيث يبلغ معدل نموها السنوي وسطياً 300 غ، كما تستخدم الهجن الناتجة من تزاوجهما أسماكاً للتربية. ويتميز الكارب الفضي من الكارب المنقط بلونه الأفتح وبوجود «قَصَرة» في الناحية البطنية من الجسم.
يتكون الغذاء الرئيسي للكارب الفضي من العوالق النباتية، في حين يتغذى الكارب الكبير الرأس بالعوالق الحيوانية أساساً وبالعوالق النباتية بدرجة ثانوبة.
تتشابه الكاربيات الصينية في خصائص تكاثرها، فكلها تتكاثر في الربيع والصيف في درجة حرارة لاتقل عن 18-20°م، وتتم عملية الإلقاح والتطور في البيوض وهي محمولة مع التيار المائي في المجرى نحو سافلة النهر ويراوح الخصب الكلي لهذه الأسماك ما بين 490 ألف وحتى 1 مليون بيضة.
التيلابيا (المشط) Tilapia: سمك نهري من أكثر أجناس الفصيلة البُلْطية Cichlidae انتشاراً وأهميةً اقتصادية، موئله الطبيعي إفريقية وشرقي البحر المتوسط، وينتمي إليه نحو 70 نوعاً تختلف فيما بينها بالشكل الخارجي والسلوك وطريقة التكاثر ونمط التغذي وخصائص النمو، ولكنها جميعاً تستطيع الحياة في مياه متباينة في ملوحتها ودرجة حرارتها تراوح بين 9 -10 و 42 -45ْم. وغالبيتها من الأسماك الآكلة كل شيء، بعضها يتغذى بالمواد الرمية والأعشاب المائية ومن ثم فهي لا تحتاج في أثناء تربيتها في الأحواض والأقفاص إلى أعلاف صناعية مُكلفة.
يصبح التيلابيا بالغاً جنسياً في عمر 3-4 أشهر، ويتكاثر عدة مرات في السنة (كل 3-6 أسابيع). ويختلف خصبه بحسب النوع والعمر والحجم، وهو سريع النمو يصل في نهاية السنة الأولى من حياته حتى وزن 300 - 800غ.
ونظراً لقيمته الاقتصادية العالية، إذ إنه مرغوب فيه جداً غذاءً، فقد انتشرت تربيته انتشاراً واسعاً في إفريقية وجنوب شرقي آسيا وفي كثير من أقطار أمريكة الجنوبية وأوربة وغيرها حيث يُربى تربيةً مركبة مع أسماك البوري والكارب والأسماك الصينية، كما يمكن استزراعه وحيداً في الأقفاص المائية.
من المشاكل التي تعوق تربية التيلابيا صعوبة التحكم في كثافة التربية بسبب نضجه الجنسي المبكر وتكاثره عدة مرات سنوياً، مما يؤدي إلى اكتظاظ الحوض وتفاقم المزاحمة على الغذاء ومن ثم ضعف نموه وانخفاض إنتاجه. ويُلجأ، تلافياً لذلك، إلى تربية هذا السمك إما مع الأسماك المفترسة كالسلور Clarias lazera أو تطبيق طريقة التربية الوحيدة الجنس، أو تربية الهجن الناتجة من تزاوج أنواع مختلفة للتيلابيا التي تكون عقيمة أو ذكوراً فقط.
إن أكثر الأنواع شيوعاً في التربية المكثفة هي تيلابيا جاوا (الموزمبيقية) Oreochromis mossambica (الشكل10) والتيلابيا النيلية O.nilotica، والتيلابيا الزرقاء O.aurea.
أسماك البوري: تنتشر أسماك الفصيلة البورية Mugilidae في البحار الاستوائية وشبه الاستوائية، وهي سريعة النمو، ومرغوب فيها جداً غذاءً. ينتسب إليها 10 أجناس ونحو 100 نوع، يوجد منها في سورية ستة أنواع، ولكن أهمها من ناحية التربية البوري Mugil cephalus (الشكل11) «والطوبارة» M.capito ومع أن البوريات من الأسماك البحرية، لتكاثرها في البحر قريباً من الشاطئ، فإنها سريعة التأقلم مع المياه القليلة الملوحة وحتى المياه العذبة.
يتم التفريخ الطبيعي للبوريات بدءاً من أيار وحتى أواسط شهر آب، وخصبها 4-14 مليون بيضة. تتغذى أفرادها البالغة بالبقايا العضوية، والعوالق النباتية، والطحالب الملتصقة على الحجارة واللافقاريات الصغيرة القد.
ونستزرع صغار البوري في الأحواض حيث تصل في السنة الثانية من العمر إلى وزن 400-500غ. وتجمع الصغار من البحار في أشهر الصيف وفي الخريف أو يُحصل عليها اصطناعياً.
أسماك السلور (القط) Cat Fish: ويربى منها ثلاثة أنواع هي: سلور القنوات Ictalurus punctatus (الشكل12) و «القرموط» الكبير الرأس Clarias macrocephalus، و «القرموط» C.batrachus، لكن السلور هو أكثرها شيوعاً في المزارع السمكية. ومع أن السلور محب للدفء (درجة الحرارة الفُضلى لحياته 25 - 30°م) فإنه يتحمل انخفاض درجة الحرارة حتى الصفر مئوية مدةً طويلة في الشتاء. وهو ينتشر طبيعياً في مياه الأنهار والبحيرات في الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، كما يستطيع الحياة في مياه ملوحتها حتى 2.1%. وقد تمت أقلمته وتربيته بنجاح بالطريقة المكثفة في كثير من أقطار العالم، إذ إنه شديد التحمل للشروط البيئية السيئة، ومتقبّل للحياة في المياه القذرة الفقيرة إلى الأكسجين، ويصبح السلور بالغاً جنسياً في السنة الثالثة أو الرابعة من العمر، ويتكاثر طبيعياً في أيار وحزيران عندما تزيد درجة حرارة المياه على 25 ـ 30ْم، كما يمكن تفريخه اصطناعياً. ويقدر خصبه بنحو ستة آلاف بيضة. تُستزرع الأحواض بالأسماك ربيعاً عندما تزيد درجة حرارة المياه على 13ْم. وتتغذى يرقات السلور وفراخه بالعوالق الحيوانية، أما الأسماك البالغة فتأكل كل شيء (حشرات، قشريات، أسماك صغيرة). كذلك تمكن تغذيته بأعلاف اصطناعية، لا تقل نسبة البروتين فيها عن 30% على أن يكون نصفه من مصدر حيواني، أو بالأعلاف الخاصة بالترويت.
السلور سمك عديم الحراشف، لحمه شهي، نموه سريع، إذ يصل وزنه في السنة الثانية حتى 400 -500 غ، وفي السنة الثالثة من العمر حتى 800 - 1000غ.
الدنيس Sparus auratus: (الشكل 13) أسماك بحرية من الفصيلة السباريدية Sparidae المنتشرة في البحر المتوسط تتغذى بالرخويات والقشريات والأسماك، يصل طولها حتى 70 سم، تفضل الحياة على عمق 30 متراً في المياه المُعشبة ذات القاع الرملي، التي درجة حرارتها 0.6-24.6ْم، وملوحتها 30.4-39 جزءاً بالألف. تتكاثر الأسماك البالغة في تشرين الأول ـ كانون الأول على عمق يصل إلى 150متر. وهي من أسماك الصيد المهمة، وتتم تربيتها بالطريقة المكثفة وشبه المكثفة؛ إذ يصل وزنها إلى 350 غ بعد 16 شهراً من استزراعها في الأقفاص البحرية.
القاروص Dicentrarchus tabrax: (الشكل 14) من الأسماك البحرية المفترسة المنتشرة في البحر المتوسط تنتمي إلى الفصيلة القُشْرية Serranidae، غذاؤها مكون من الأسماك والحيوانات اللافقارية، يبلغ طولها متراً واحداً ووزنها 12 كغ. تتكاثر في مصبات الأنهار بدءاً من أيار حتى آب. تستجيب للتربية في الأحواض والأقفاص حتى يصل وزنها إلى 300 غ بعد 18 شهراً من تغذيتها اصطناعياً.
الهامور Epinephelus gigas: (الشكل 15) سمك مفترس من الفصيلة القُشْرية منتشر في البحر المتوسط يتغذى بالأسماك والرخويات والقشريات، يصادف على القاعين الحجري والرملي على عمق 10- 200 متر. وهو من أسماك الصيد والتصدير الفاخرة
وهي من الطرائق الشائعة اليوم في التربية السمكية المكثفة، إذ تربى الأسماك في الأقفاص ضمن بيئاتها الطبيعية سواء أكانت بحيرات أم سدوداً مائية كبيرة أم بحاراً. تكون الأقفاص عادة مصنوعة من شباكٍ ذوات فتحاتٍ مناسبةٍ لضمان التجديد المائي المطلوب فيها من دون السماح للأسماك بالمرور عبرها، وتُثَبْتْ في المياه الجارية على قوائم ثابتة أو جسور عائمة، أما في المياه الراكدة فتستخدم الأقفاص العائمة التي تثبت فيها بوساطة طوافات خاصة. وتعتمد هذه الطريقة من التربية على تقديم العلف الصناعي بغزارة للأسماك التي تربى بكثافة كبيرة.
أنواع أسماك التربية
الكارب (الشبوط) Cyprinus Carpio: من الأسماك النموذجية المحبة للدفء الشائعة في جميع مزارع المياه الدافئة في العالم، درجة الحرارة المثالية لنموه وتكاثره أعلى من 20°م، سهل التأقلم نسبياً، غذاؤه متعدد Polyphage، ونموه سريع. وهو يربى في أحواض مشمسة غير عميقة (1-2 متر)، ويمكنه تحمّل نقص الأكسجين مقارنةً مع الأنواع الأخرى. يصبح الكارب بالغاً جنسياً في المناطق الشمالية من العالم وعمره 4-6 سنوات، في حين يتم ذلك في البلدان الدافئة في العام الثاني أو الثالث من العمر. ويجري تكاثره في المناطق الضحلة من التجمع المائي الغنية بالأعشاب التي تلتصق عليها بيوضه الدبقة طوال مدة حضانتها وهي 3-6 أيام. ويتزامن التكاثر مع ارتفاع درجة حرارة الماء من 17-20°م. كما يمكن تفريخ الكارب اصطناعياً بمساعدة الحقن الهرموني، وعدد البيوض التي تضعها الأنثى (أي الخصوبة الكلية) 0.6-1.5 مليون سنوياً.
تبدأ صغار الكارب في المدة الأولى من حياتها بالتغذي بالعوالق النباتية والحيوانية، ثم تنتقل، مع تقدم العمر إلى التغذي بحيوانات القاع اللافقارية، وبعدها في الخريف تباشر بالتهام النباتات أيضاً. يلاحظ النمو الأعظمي للكارب في درجة حرارة 20-28°م وبمحتوى أكسجيني مقداره 5- 7 مغ/ليتر ماء صيفاً، ولا يقل عن 4 مغ/ليتر شتاءً.
ويقل نشاط الكارب في تناول الغذاء مع انخفاض درجة الحرارة ليمتنع نهائياً عن تناوله، وتصبح حركته ضعيفة عندما تصل درجة حرارة المياه حتى 1-2°م. ولرفع الإنتاج السمكي يُعمد إلى تكثيف تربية الكارب وتقديم العلف الإضافي له على شكل عجينة أو مضغوطات جافة مكونة من أنواع الكُسْب المختلفة (ما يبقى من ثُفْل بعد عصر البذور الدهنية) والحبوب والنخالة وطحين فول الصويا والمخلفات الزراعية والمركزات العلفية وغيرها.
وعند تربيته بكثافة 60-80 ألف فرخ/هيكتار للصيفيات (الإصبعيات)، أو 4-5 ألف فرخ/هيكتار لثنائية الصيف (السنة الثانية من العمر) يراعى وجوب احتواء الأعلاف الجاهزة على أكثر من 26- 30% بروتين خام، و3-4% دهون، و40% مواد لا آزوتية، وأقل من 10% ألياف نباتية. وفي حال تربيته في الأقفاص أو الأحواض الإسمنتية يجب توفير البروتين الخام (لاسيما الحيواني) ومحفزات النمو بنسبة مرتفعة في غذاء سمك الكارب.
وللكارب سلالات كثيرة، أهمها: الكارب الحرشفي (جسمه مستور كلياً بالحراشف)، والكارب المرآتي (الحراشف مبعثرة على الجسم)، والكارب الخطي (الحراشف متوضعة فقط في الخطين الجانبيين للجسم) والكارب العاري (عديم الحراشف)، (الشكل 5).
إن الوزن التسويقي للكارب في العام الثاني من العمر 500-800غ للفرخ، وفي العام الثالث من العمر 1200-1500غ. ويصل المحصول منه في التربية المكثفة حتى عشرة أطنان أو أكثر في الهكتار. ويمكن زيادة الناتج السمكي وتنويعه في الأحواض بإدخال الأسماك الصينية أو التيلابيا في تربية مركبة أو جانبية مع الكارب.
الترويت القوس قزحي Salmo gairdneri: (الشكل 6) من أهم السلمونيات المرباة في مزارع الأسماك، وأُدخلت تربيته إلى أوربة من أمريكة الشمالية. كما أُدخل إلى سورية عام 1964. وشاعت تربيته في بلاد كثيرة من العالم بفضل تميزه بالصفات الإنتاجية المرغوب فيها، فهو متكيف جيداً لاستهلاك العلف الصناعي والتربية المكثفة، ونموه سريع، ولاسيما في السنوات الثلاث الأولى من عمره، ولحمه شهي ذو قيمة غذائية عالية.
يحتاج الترويت في أثناء تربيته إلى مياه جارية وصافية مشبعة بالأكسجين (أكثر من 7ملغ/ليتر ماء) خالية من الملوثات، ويربى في الأحواض والمسابح الخرسانية الصغيرة المساحة بالطريقة المكثفة وباستخدام علف اصطناعي جاف غني بالبروتين الحيواني.
وبغض النظر عن العناصر الغذائية الداخلة في تركيب العلائق الترويتية فإن نسبتها المئوية ـ التي تختلف بحسب عمر الأسماك ـ هي 28 -60% بروتينات، و5 -30% كربوهيدرات، و3-10% دهوناً.
يُكَثَّر الترويت اصطناعياً بحضن بيوضه المخصبة في أجهزة التفريخ بدرجة حرارة 6-10°م لمدة شهر أو شهرين، ومن ثم تغذى صغاره بأعلاف اصطناعية حتى تصل في السنة الثانية من العمر إلى الوزن التقريبي التسويقي وهو 125-200غ. وطُبق حديثاً نظام خاص لتربيته ضمن أقفاص شبكية في المياه الطبيعية العذبة والبحرية.
الكاربيات الصينية: وهي الكارب العاشب، والكارب الفضي، والكارب المنقط المنتشر طبيعياً في نهر آمور وأنهار مختلفة في أواسط الصين وجنوبيها، فالكارب العاشب Ctenopharinfodon (الشكل7) سمكة سريعة النمو، يبلغ طولها 120 سم، ووزنها حتى 32 كغ، تتغذى أساساً بالنباتات المائية.
وهي من الأسماك الاقتصادية المرغوب فيها غذاءً، وتمت أقلمته وإكثاره اصطناعياً بنجاح في الكثير من بلدان العالم، ويمكن تربيته بالطريقة المركبة مع الكارب العادي وغيره، كما يربى خصيصاً في قنوات الري ومصارفها بهدف تطهيرها من الأعشاب. ويصل الفرخ في السنة الثانية من العمر إلى الوزن التسويقي (حتى 1000 غ).
أما أسماك الكارب الفضي Hypophthalmichthys molitrix (الشكل
وأسماك الكارب المنقط (الكبير الرأس) Aristichthys nobilis (الشكل9) فيصل طول جسمها عادة حتى 1م ووزنها حتى 20 ـ 35 كغ، وهي من أنواع الصيد والتربية الواعدة، وتُكَثَّر اصطناعياً على نطاق واسع في المياه العذبة الدافئة، حيث يبلغ معدل نموها السنوي وسطياً 300 غ، كما تستخدم الهجن الناتجة من تزاوجهما أسماكاً للتربية. ويتميز الكارب الفضي من الكارب المنقط بلونه الأفتح وبوجود «قَصَرة» في الناحية البطنية من الجسم.
يتكون الغذاء الرئيسي للكارب الفضي من العوالق النباتية، في حين يتغذى الكارب الكبير الرأس بالعوالق الحيوانية أساساً وبالعوالق النباتية بدرجة ثانوبة.
تتشابه الكاربيات الصينية في خصائص تكاثرها، فكلها تتكاثر في الربيع والصيف في درجة حرارة لاتقل عن 18-20°م، وتتم عملية الإلقاح والتطور في البيوض وهي محمولة مع التيار المائي في المجرى نحو سافلة النهر ويراوح الخصب الكلي لهذه الأسماك ما بين 490 ألف وحتى 1 مليون بيضة.
التيلابيا (المشط) Tilapia: سمك نهري من أكثر أجناس الفصيلة البُلْطية Cichlidae انتشاراً وأهميةً اقتصادية، موئله الطبيعي إفريقية وشرقي البحر المتوسط، وينتمي إليه نحو 70 نوعاً تختلف فيما بينها بالشكل الخارجي والسلوك وطريقة التكاثر ونمط التغذي وخصائص النمو، ولكنها جميعاً تستطيع الحياة في مياه متباينة في ملوحتها ودرجة حرارتها تراوح بين 9 -10 و 42 -45ْم. وغالبيتها من الأسماك الآكلة كل شيء، بعضها يتغذى بالمواد الرمية والأعشاب المائية ومن ثم فهي لا تحتاج في أثناء تربيتها في الأحواض والأقفاص إلى أعلاف صناعية مُكلفة.
يصبح التيلابيا بالغاً جنسياً في عمر 3-4 أشهر، ويتكاثر عدة مرات في السنة (كل 3-6 أسابيع). ويختلف خصبه بحسب النوع والعمر والحجم، وهو سريع النمو يصل في نهاية السنة الأولى من حياته حتى وزن 300 - 800غ.
ونظراً لقيمته الاقتصادية العالية، إذ إنه مرغوب فيه جداً غذاءً، فقد انتشرت تربيته انتشاراً واسعاً في إفريقية وجنوب شرقي آسيا وفي كثير من أقطار أمريكة الجنوبية وأوربة وغيرها حيث يُربى تربيةً مركبة مع أسماك البوري والكارب والأسماك الصينية، كما يمكن استزراعه وحيداً في الأقفاص المائية.
من المشاكل التي تعوق تربية التيلابيا صعوبة التحكم في كثافة التربية بسبب نضجه الجنسي المبكر وتكاثره عدة مرات سنوياً، مما يؤدي إلى اكتظاظ الحوض وتفاقم المزاحمة على الغذاء ومن ثم ضعف نموه وانخفاض إنتاجه. ويُلجأ، تلافياً لذلك، إلى تربية هذا السمك إما مع الأسماك المفترسة كالسلور Clarias lazera أو تطبيق طريقة التربية الوحيدة الجنس، أو تربية الهجن الناتجة من تزاوج أنواع مختلفة للتيلابيا التي تكون عقيمة أو ذكوراً فقط.
إن أكثر الأنواع شيوعاً في التربية المكثفة هي تيلابيا جاوا (الموزمبيقية) Oreochromis mossambica (الشكل10) والتيلابيا النيلية O.nilotica، والتيلابيا الزرقاء O.aurea.
أسماك البوري: تنتشر أسماك الفصيلة البورية Mugilidae في البحار الاستوائية وشبه الاستوائية، وهي سريعة النمو، ومرغوب فيها جداً غذاءً. ينتسب إليها 10 أجناس ونحو 100 نوع، يوجد منها في سورية ستة أنواع، ولكن أهمها من ناحية التربية البوري Mugil cephalus (الشكل11) «والطوبارة» M.capito ومع أن البوريات من الأسماك البحرية، لتكاثرها في البحر قريباً من الشاطئ، فإنها سريعة التأقلم مع المياه القليلة الملوحة وحتى المياه العذبة.
يتم التفريخ الطبيعي للبوريات بدءاً من أيار وحتى أواسط شهر آب، وخصبها 4-14 مليون بيضة. تتغذى أفرادها البالغة بالبقايا العضوية، والعوالق النباتية، والطحالب الملتصقة على الحجارة واللافقاريات الصغيرة القد.
ونستزرع صغار البوري في الأحواض حيث تصل في السنة الثانية من العمر إلى وزن 400-500غ. وتجمع الصغار من البحار في أشهر الصيف وفي الخريف أو يُحصل عليها اصطناعياً.
أسماك السلور (القط) Cat Fish: ويربى منها ثلاثة أنواع هي: سلور القنوات Ictalurus punctatus (الشكل12) و «القرموط» الكبير الرأس Clarias macrocephalus، و «القرموط» C.batrachus، لكن السلور هو أكثرها شيوعاً في المزارع السمكية. ومع أن السلور محب للدفء (درجة الحرارة الفُضلى لحياته 25 - 30°م) فإنه يتحمل انخفاض درجة الحرارة حتى الصفر مئوية مدةً طويلة في الشتاء. وهو ينتشر طبيعياً في مياه الأنهار والبحيرات في الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، كما يستطيع الحياة في مياه ملوحتها حتى 2.1%. وقد تمت أقلمته وتربيته بنجاح بالطريقة المكثفة في كثير من أقطار العالم، إذ إنه شديد التحمل للشروط البيئية السيئة، ومتقبّل للحياة في المياه القذرة الفقيرة إلى الأكسجين، ويصبح السلور بالغاً جنسياً في السنة الثالثة أو الرابعة من العمر، ويتكاثر طبيعياً في أيار وحزيران عندما تزيد درجة حرارة المياه على 25 ـ 30ْم، كما يمكن تفريخه اصطناعياً. ويقدر خصبه بنحو ستة آلاف بيضة. تُستزرع الأحواض بالأسماك ربيعاً عندما تزيد درجة حرارة المياه على 13ْم. وتتغذى يرقات السلور وفراخه بالعوالق الحيوانية، أما الأسماك البالغة فتأكل كل شيء (حشرات، قشريات، أسماك صغيرة). كذلك تمكن تغذيته بأعلاف اصطناعية، لا تقل نسبة البروتين فيها عن 30% على أن يكون نصفه من مصدر حيواني، أو بالأعلاف الخاصة بالترويت.
السلور سمك عديم الحراشف، لحمه شهي، نموه سريع، إذ يصل وزنه في السنة الثانية حتى 400 -500 غ، وفي السنة الثالثة من العمر حتى 800 - 1000غ.
الدنيس Sparus auratus: (الشكل 13) أسماك بحرية من الفصيلة السباريدية Sparidae المنتشرة في البحر المتوسط تتغذى بالرخويات والقشريات والأسماك، يصل طولها حتى 70 سم، تفضل الحياة على عمق 30 متراً في المياه المُعشبة ذات القاع الرملي، التي درجة حرارتها 0.6-24.6ْم، وملوحتها 30.4-39 جزءاً بالألف. تتكاثر الأسماك البالغة في تشرين الأول ـ كانون الأول على عمق يصل إلى 150متر. وهي من أسماك الصيد المهمة، وتتم تربيتها بالطريقة المكثفة وشبه المكثفة؛ إذ يصل وزنها إلى 350 غ بعد 16 شهراً من استزراعها في الأقفاص البحرية.
القاروص Dicentrarchus tabrax: (الشكل 14) من الأسماك البحرية المفترسة المنتشرة في البحر المتوسط تنتمي إلى الفصيلة القُشْرية Serranidae، غذاؤها مكون من الأسماك والحيوانات اللافقارية، يبلغ طولها متراً واحداً ووزنها 12 كغ. تتكاثر في مصبات الأنهار بدءاً من أيار حتى آب. تستجيب للتربية في الأحواض والأقفاص حتى يصل وزنها إلى 300 غ بعد 18 شهراً من تغذيتها اصطناعياً.
الهامور Epinephelus gigas: (الشكل 15) سمك مفترس من الفصيلة القُشْرية منتشر في البحر المتوسط يتغذى بالأسماك والرخويات والقشريات، يصادف على القاعين الحجري والرملي على عمق 10- 200 متر. وهو من أسماك الصيد والتصدير الفاخرة